الاستدلال على وجود الشمس الساطعة الوهّاجة بالفانوس] (١).
لذا لم يستدلّ العلّامة المظفر (قدسسره) على وجوده تعالى بدليل العرفاء هذا ولا بدليل الفطرة ، وإنما استدلّ على وجوده تعالى بالعقل ، والحكمة فيه : أنّ الناس قد حجبت المعاصي نور الفطرة من قلوبهم ، ومات وهج اليقين في صدورهم ، فهم بحاجة إلى ما يوقظ ضمائرهم ويحيي ما انطفأ في سرائرهم نتيجة ما جنته أيديهم جزاء بما كسبوا وليس الله بظلّام للعبيد ، (وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ).
وما هو إلّا العقل ومدركاته حيث به ـ عند فقدان الطريق الأول ـ يمكن الخلاص من ظلمات الشك والحيرة والضلال ؛ لذا قامت الدراسات الفلسفية على تأسيس براهين لإثبات وجوده عزوجل منها :
الأول : برهان الإمكان :
والمراد «بالإمكان» الشيء الموجود الذي اقتضت ذاته الوجود أو العدم ، أي ما كان قابلا لهذه القسمة.
ويقابله واجب الوجود أي الواجب لذاته ومن وجوده نابع من ذاته لا من شيء آخر.
وهذا التقسيم الثنائي للموجود هو ما اصطلح عليه في علم الكلام بلا خلاف بينهم ، حيث يعدّون :
كل معقول أو متصوّر في عالم الذهن أو التصور إذا نسبنا إليه الوجود الخارجي فإما أن يصح اتصافه به لذاته أو لا؟
فإن لم يصحّ اتّصافه به لذاته (لعدم قابلية تحققه في عالم الخارج) فهو ممتنع الوجود لذاته كاجتماع النقيضين وارتفاعهما ، ووجود المعلول بلا علة توجده. وإن صحّ اتّصافه به فإما أن يجب اتصافه به لذاته أو لا؟
فالأول : هو الواجب لذاته أي الله تعالى واجب الوجود بنفسه لا بشيء آخر.
والثاني : هو ممكن الوجود لذاته لا لغيره أي دائما الممكن وجوده لنفسه ، ومن غيره بحيث لا يمكنه أن يوجد نفسه بل بحاجة إلى من يوجده.
__________________
(١) گلشن راز (فارسي) : ص ٥١.