أما الصفات السلبية :
هي صفات يصحّ انفكاكها وسلبها عن الذات الإلهية بل يجب سلبها كما سوف يأتيك في فصل الصفات ، ويعبّر عنها بصفات الجلال وهي كل صفة أو حالة تفيد نقصا أو حاجة في ذاته أو فعله يصح أن نسمّيها بالسلبية المشار إليها بأداة السلب كأن يقال : الله ليس بجسم ، ولا مركّب ولا بفقير ولا جاهل ولا عاجز ولا متحرّك ولا يتحد بغيره الخ ...
وبما ذكرنا يتركّز البحث على أمور ثلاثة :
الأمر الأول : الصفات الثبوتية الذاتية.
الأمر الثاني : الصفات الثبوتية الفعلية.
الأمر الثالث : الصفات السلبية.
وسوف نذكرها تباعا في باب الصفات إن شاء الله تعالى.
وبهذا ننهي الأمر الأول من الباب الأول من هذا الفصل.
الأمر الثاني : في ردّ مقالة المجسّمة :
ردّ المصنف (قدسسره) بقوة على طائفة من المسلمين يعتقدون أنّ لله تعالى يدا ورجلا وعينا أو أنه ينزل إلى السماء الدنيا ، فالله سبحانه عند هؤلاء كالإنسان له أعضاء بها يتحرك ويسكن ويقوم ويقعد ، فطرحوا العقول وجمدوا على ظواهر النصوص المتشابهة التي يجب تأويلها لضرورة العقل والنقل الصريح ، ولكنّهم عموا وصمّوا فأعماهم وأصمهم سبحانه (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ) (آل عمران / ٨).
والمراد من «التجسم» نسبة الجسمية إلى الباري «عزوجل وتعالى عمّا يقول الظالمون علوّا كبيرا» ، حيث نسبوه إلى المادة وكونه متحيزا في جهة ما ، قابلا للقسمة في الجهات الثلاث : الطول ـ العرض ـ العمق وهذا باطل بحكم العقل كما سوف يأتي النقض عليهم في باب الصفات.
وما يهمنا هنا إيراد ما ذكره بعض أئمة أهل المذاهب الأربعة عند العامة لا سيما أحمد بن حنبل وداود بن علي الاصفهاني وسفيان الثوري ومالك بن أنس