الحنابلة ينكر عليهم فعلهم ويوبّخهم باعتقاد التشبيه وغيره فمنه تارة أنكم تزعمون أنّ صورة وجوهكم القبيحة السمجة على مثال ربّ العالمين ، وهيئتكم الرذلة على هيئته وتذكرون الكف والأصابع والرجلين والنعلين المذهّبين والشعر القطط ، والصعود إلى السماء والنول إلى الدنيا ، تبارك الله عمّا يقول الظالمون والجاحدون علوّا كبيرا ثم طعنكم على خيار الأئمة ونسبتكم شيعة آل محمد إلى الكفر والضلال ثم استدعاؤكم المسلمين إلى الدين بالبدع الظاهرة والمذاهب الفاجرة التي لا يشهد بها القرآن وإنكاركم زيارة قبور الأئمة وتشنيعكم على زوّارها بالابتداع وأنتم مع ذلك تجتمعون على زيارة قبر رجل من العوام ليس بذي شرف ولا نسب ...] (١).
وما اكتفى الشهرستاني بما ذكر حتى أطلق كلامه على الشيعة الإمامية أنهم يغالون في أئمتهم وهو افتراء واضح قال :
[ثم الشيعة في هذه الشريعة وقعوا في غلوّ وتقصير ، أما الغلوّ فتشبيه بعض أئمتهم بالإله تعالى وتقدس وأما التقصير فتشبيه الإله بواحد من الخلق ...] (٢).
وما أطلقه على الشيعة كذب صريح ، وبعض المنتسبين إلى التشيع قد غالوا بالإمام أمير المؤمنين عليهالسلام واعتقدوا أن الله تعالى حلّ فيه ، هؤلاء بنظر الشيعة خارجون من الإسلام وبحكم الكفّار ، فمن الظلم جعلهم من الشيعة. ويا ليته اكتفى بهذه التهمة الشنيعة حتى جرّ حقده على شخصيتين مرموقتين عند الإمامية هما :
هشام بن سالم وهشام بن الحكم ، حيث نسب إليهما مقالة التشبيه كما هو ظاهر بعض المرويات الضعيفة والملفقة عليهما وهما منها براء.
قال : [غير أن جماعة من الشيعة الغالية وجماعة من أصحاب الحديث الحشوية صرّحوا بالتشبيه مثل : الهشامين من الشيعة ... قال إن معبودهم على صورة ذات أعضاء وأبعاض] (٣).
وفي موضع آخر قال : [فرقة الهشامية أصحاب الهشامين : هشام بن الحكم
__________________
(١) الكامل في التاريخ : ج ٨ ص ٣٠٨ حوادث سنة ٣٢٣ ه.
(٢) الملل والنحل : ج ١ ص ٩٣.
(٣) نفس المصدر : ج ١ ص ١٠٥.