وأما النقطة الثانية : أدلة الأشاعرة على جواز الرؤية :
تمهيد :
إنّ مسألة الرؤية البصرية لا تمت إلى الإسلام بصلة ، وما استدل به عليها فمنقوض بحكم الأدلة القطعية ، وتأثّر جمهور العامة بها له جذوره التاريخية ، ولعلّ تسرّ بها إلى المسلمين من المتظاهرين بالإسلام كالأحبار والرهبان والقساوسة ، فصار ذلك مصدرا لبعض الأحاديث في المقام ، مما سبّب جرأة طوائف من المسلمين للأخذ بها واستدعاء الأدلة عليها.
ويشهد لما قلنا ما ذكره العهدان القديم والحديث نؤرّخ بعضا منها :
الأول :
أسفار الملوك الأوّل : الإصحاح الثاني والعشرون / ١٩ :
«قد رأيت الربّ جالسا على كرسيّه وكلّ جند السماء وقوف لديه عن يمينه وعن يساره ، فقال الربّ من يغوي أخاب فيصعد ويسقط في راموت جلعاد ...».
الثاني :
ما ورد في سفر دانيال : الإصحاح ٧ / ٩ :
«كنت أرى أنه وضعت عروش ويجلس القديم الأيام ، لباسه أبيض كالثلج وشعر رأسه كالصوف النقي وعرشه لهيب نار ...».
الثالث :
ما ورد في سفر الخروج : إصحاح ٢٤ / ٩ ، ١٠ :
«ثم صعد موسى وهارون وباداب وأبيهو وسبعون من شيوخ إسرائيل ، ورأوا إله إسرائيل وتحت رجليه شبه صنعة من العقيق الأزرق الشّفاف ... ولكنه لم يمدّ يده إلى اشراف بني إسرائيل فرأوا الله وأكلوا وشربوا ...».
الرابع :
سفر التكوين : الإصحاح ٣ / ٩ ، ١٠ :
«فخاطا (يعني آدم وحواء عليهمالسلام) أوراق تين وصنعا لأنفسهما مآزر وسمعا صوت الربّ الإله ماشيا في الجنة عند هبوب ريح النهار ، فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة ، فنادى الربّ الإله آدم وقال له : أين أنت فقال : سمعت صوتك في الجنة ...».