الثالث :
إنجيل يوحنا : الإصحاح : ١٤ / ١٠ :
«ألست تؤمن أني أنا في الأب والأب فيّ ، الكلام الذي أكلمكم به لست أتكلم به من نفسي لكنّ الأب الحالّ فيّ هو يعمل الأعمال».
إلى غيرها من دعاوي الحلول والتجسيد الباطلين بحكم العقل.
إذن للمسألة جذور في العهدين تسرّبت إلى عقول السذج من أبناء العامة مع تنميقها وزخرفتها بما يسمّى أدلة وبراهين بعيدة كلّ البعد عن منطق العقل والعلم.
تحرير المسألة :
قبل توضيح هذه النقطة لا بدّ من تحرير محل النزاع في الرؤية ؛ فنقول : إن العامة ينقسمون إلى فرقتين :
مجسّمة : يقولون بالرؤية البصرية بلا تنزيه للخالق العظيم.
منزّهة : يقولون بالرؤية مع التنزيه عن المادة والماديات.
والفرقة الثانية انقسمت قسمين :
فرقة تستند إلى أحكام العقل وحده.
وأخرى تستند إلى أحكام النقل مدعوما بالعقل.
فمن الفرقة الأولى : سيف الدين الآمدي (٥٥١ ـ ٦٣١) قال : لسنا نعتمد في هذه المسألة على غير مسلك العقل ، إذ ما سواه لا يخرج عن الظواهر السمعية وهي مما يتقاصر عن إفادة القطع واليقين فلا يذكر إلّا على سبيل التقريب ، ووافقه جماعة كأبي الحسن الأشعري.
ومن الفرقة الثانية : الرازي صاحب المحصّل في علم الكلام قال :
«الله يصح أن يكون مرئيا لنا خلافا لجميع الفرق ... فإنّ لقائل أن يقول إن أردت بالرؤية الكشف التام فذلك مما لا نزاع في ثبوته لأنّ المعارف تصير يوم القيامة ضرورية ، وإن أردت بها الحالة التي نجدها من أنفسنا عند إبصارنا الأجسام فذلك مما لا نزاع في انتفائه ... وإن أردت به أمرا ثالثا فلا بدّ من إفادة تصوره فإن التصديق مسبوق بالتصور لأنه إذا علمنا الشيء حال ما لم نره ثم رأيناه ، فإنّا ندرك تفرقة بين الحالين ، وقد عرفت أن تلك التفرقة لا يجوز عودها إلى ارتسام