إما الحدوث : أي أن الجوهر والعرض بنفسيهما حادثان ممكنان أمكن رؤية هذا وذاك.
وإما الوجود : أي من أجل أن هذا موجود ، وذاك موجود أمكن رؤيته ، وبما أن الحدوث هو كون الشيء بعد أن كان معدوما فلا يكون الحدوث علة لصحة الرؤية ، لأن العدم لا يمكن كونه علّة للأمر الوجودي ، فيتعيّن كون العلة لصحة الرؤية هي الوجود لا الحدوث.
ينقض عليه :
أولا :
إنّ الجهة المشتركة للرؤية في الجوهر والعرض ليس الوجود بما هو وجود ، بل الوجود المقيّد بشروط وقيود ، وهو كونه ممكنا ماديا يقع تحت إطار شرائط وقيود خاصة ، لأنّ الإبصار رهن ظروف خاصة ، وبتعبير آخر : إن علة الرؤية كما ادّعوا هي الوجود لكن ليس كل وجود ، بل الوجود المقيّد بقيد الإمكان أي إذا كان الشيء موجودا وممكنا وحادثا فتصح حينئذ رؤيته ، وشيء من هذه القيود لا ينطبق على واجب الوجود.
ثانيا :
إنّ ما يدّعيه هؤلاء من كون المصحّح للرؤية هو الوجود لازمه صحة رؤية كل موجود لا تراه العيون ، مع اعتقاد الكل بوجوده كالكيفيات النفسانية أمثال : العلم والشجاعة واللذة والألم والإرادة والقدرة وغيرها من الصفات الانسانية التي نقطع بوجودها فينا لكن لا تنالها حواسنا ، فهي موجودة إلّا أنها لا ترى عيانا.
وأما النقل :
فقد استدلّوا (١) على جواز الرؤية بظواهر بعض الآيات المتشابهات التي لا بدّ من الرجوع فيها إلى المحكمات ، من هذه الآيات : الآية الأولى.
__________________
(١) والأغرب من ذلك أن السيد محمد حسين فضل الله وهو إمامي المعتقد ـ حسبما يدّعي ـ نسب في جريدته المسماة ب «البيّنات» عدد ١٣ شوال ١٤١٧ ه إلى النبي موسى أنه لم يكن يعرف أنّ الله لا يرى بالبصر حتى عرّفه الله ذلك بقوله تعالى : (لَنْ تَرانِي) وقال : إن هذا لا ينافي عصمة وكمال النبي.
أقول : ليت شعري إذا كان موسى عليهالسلام لا يعرف أنه تعالى لا يرى فلا عتاب حينئذ على ـ