التوحيد الذاتي
ويراد منه أنه واحد أحد لا شريك له في ذاته ولا شبيه له ولا نظير ؛ فاتّصاف الذات الإلهية بالوحدة يعني عدم تكثّرها وتجزئها إلى جزء جزء أو إلى ذات واسم ، بل هي صرف الوحدة والبساطة ، لذا تطرّق القرآن الكريم إلى بساطة الذات المقدّسة ووحدتها وواحديتها كما في قوله تعالى : (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ) (البقرة / ١٦٤).
(قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (٢) اللهُ الصَّمَدُ (٣) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٤) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (٥)) (التوحيد) ، ويراد من «الوحدة» المذكورة الوحدة الشخصية الحقيقية التي لا تنطبق على غيره أبدا ، لا الوحدة العددية المبحوث عنها في علم الأعداد.
بيان ذلك :
إن الوحدة العددية : عبارة عن مفهوم عام وجد فيه مصداق واحد في عالم الحسّ مع إمكان وجود مصاديق أخرى له ، وقد أشار مولى الموحدين علي بن أبي طالب روحي فداه وعليهالسلام إلى هذا المفهوم بما أورده الشيخ الصدوق :
أن أعرابيا قام يوم الجمل إلى أمير المؤمنين عليهالسلام فقال :
يا أمير المؤمنين أتقول إن الله واحد؟
فحمل الناس عليه ، وقالوا : يا إعرابي أما ترى ما فيه أمير المؤمنين من تقسّم القلب؟! (١).
__________________
(١) المراد من تقسّم القلب انشغاله عليهالسلام بتدبير أصحابه للحرب ، لا أنه حيران لا يدري ما ذا يفعل ، فإن هذا وأمثاله مما يتنزّه عنه المعصوم.