التوحيد العبادي
إنّ مفهوم التوحيد العبادي في مصطلح علم الكلام من أبرز المفاهيم العقائدية في الإسلام التي تميّز الفرد المسلم الموحّد عن المشرك الوثني ، لما يحمله هذا المفهوم من معاني الإخلاص في التوجه والعبادة للخالق العظيم ، لأنّ العبادة لا تليق لأحد سواه تعالى ، فهو عزوجل وحده الذي يستحق أن يعبد لا سواه مهما بلغ غيره من الكمال والجلال والشرف ؛ من هنا تضافرت جهود المرسلين وحجج الله على الخلق أجمعين في الدعوة إلى توحيده عزوجل في العبادة ، ورفض وكسر قيود الشرك والوثنية والاتجاه نحو الكمال المطلق والخير اللامحدود ، وقد عبّر القرآن معجزة نبي الرحمة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم عن هذا المفهوم الخالص بآيات منها قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) (الأنبياء / ٢٦).
(وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) (النحل / ٣٧).
(قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً) (آل عمران / ٦٥).
وحيث إنّ مفهوم التوحيد العبادي يحظى بأهمية كبرى في عقيدة الإسلام ينبغي تركيز الضوء عليه ضمن نقاط :
النقطة الأولى : في معنى العبادة :
عرّف اللغويون لفظة «عبادة» أنها الخضوع مع التذلّل للمعبود له لاعتقاد العابد كون المعبود خالقه ومربيه ومالك أمره في دينه ودنياه وآخرته.