وترجع فكرة تعدد الخالق في الجزيرة العربية نتيجة التأثّر بالأفكار البوذية والنصرانية والزردشتية والبرهمانية ، واليهودية ، فبحكم المخالطة والمعاشرة مع هذه الأقوام ووجود قابليات خصبة لدى المشركين ، كلّ ذلك ساعد على ابتداع عبادة الأصنام التي صنعوها بأيديهم.
وقد انتشر في الجزيرة العربية آنذاك ثلاث ديانات تدعو إلى عبادة المخلوق هي :
١ ـ البوذية : وكانوا يعبدون ثلاثة آلهة :
(براهما) : أي الإله الموجد.
(فيشنو) : أي الإله الحافظ.
(سيفا) : أي الإله المغني.
٢ ـ الزردشتية الفارسية : وعندهم إلهان.
(يزدان) : إله الخير.
(أهرمن) : إله الشر.
٣ ـ النصرانية : وعندهم إله هو عيسى عليهالسلام الذي تجسّد فيه الله بحسب زعمهم ، تعالى عن ذلك علوّا كبيرا أو تجلّى بثلاثة أقانيم : الأب ـ الابن ـ روح القدس.
وعلى كل حال فإنّ الاعتقاد بتعدد الآلهة كان حصيلة تسرّب تلك الأفكار إلى أذهان العرب ، وطبيعي أن يتأثروا ما داموا قد تركوا ملّة إبراهيم ، مع الأخذ بنظر الاعتبار العامل البيئي والاقتصادي الذي كان يعاني منه المجتمع الجاهلي يوم ذاك.
الدافع الثاني : الاعتقاد بأنّ الإله لا يستجيب إلّا للمقدّسين.
أما العاصون والمنهمكون في الملذات المحرّمة فلا يستجيب لهم بل عليهم أن يتخذوا وسائط بينهم وبين خالقهم بتقديم القرابين والنذر للآلهة الشافعة التي إذا غفرت غفر الله لهم بزعمهم.
وقد أبطل القرآن المعجز هذه الاعتقادات الباطلة ، بالقول بأنه كيف تكون هذه الآلهة وسيطة لنيل الغفران وهي صمّاء لا تدفع عن نفسها شيئا ، حتى ولو كان لها شعور كالملائكة ، فإنه ليس بمقدورها أن تغفر للآخرين أو تمنحهم الأمن والأمان دون الإذن الإلهي بذلك ، مع أنه عزوجل لا يأذن لهكذا أحجار صنعوها أن تمنحهم ما يريدون ويبتغون.