لكنه منحه إلى بعض الكاملين كما في قوله تعالى :
(وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) (الأنبياء / ٢٩).
(مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) (البقرة / ٢٥٦).
(يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ) (طه / ١١٠).
(لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً) (مريم / ٨٨).
(وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ) (سبأ / ٢٤).
خلاصة الأمر :
بملاحظة الآيات التي تعرّضت لموضوع الشرك يتبيّن بوضوح أن عبادتهم كانت مصحوبة مع الاعتقاد بألوهية الأصنام أو بعض الأشخاص ، ولأجل ذلك كانوا يقدّمون لها القرابين والنذور ، كما أنهم كانوا يستكبرون (١) عن الطاعة والتوجّه إلى عقيدة التوحيد للأسباب التي ذكرنا.
النقطة الثالثة : زيارة القبور وماهية الشرك:
قد عرفت معنى العبادة أنها خضوع العبد للمعبود له بحيث يعتقد كونه خالقا ومربّيا له ، فكل خضوع يخلو من قيد الاعتقاد بالخالقية لا يعتبر عبادة ، فليس كل من خضع لغيره أو تذلّل له يعدّ عابدا له ما دام الخاضع أو المتذلل غير معتقد بأن المخضوع له والمتذلّل له غير خالق من دون الله تعالى ، وإلّا فلو عدّ ذلك عبادة لحرم كل خضوع حتى الخضوع للوالدين ومربّي النعم وأهل الفضل والحجى ، وهو خلاف ما قامت عليه السيرة العقلائية من الخضوع إلى صلحائها وأهل الفضل عليها.
وما تصوّره ابن تيمية رأس الشيطنة وأتباعه من الوهابيين من أن الشيعة الإمامية «أيّدهم الباري عزوجل» يعبدون الأئمة والأنبياء عليهمالسلام حيث يخضعون لهم بالتوسّل والتضرّع والطلب ، هذا افتراء عليهم ، هم منه براء وذلك لأنّ خضوع الشيعة بالتوسل والتضرّع لهمعليهمالسلام من باب أنهم عليهمالسلام وسائل النعم الإلهية التي أمر سبحانه بالتمسّك بها تماما كما أمر بالتمسّك بالصدقة لدفع البلاء ، فالشيعة كغيرهم من بقية المسلمين الذين يتوسلون بضرائح قبور الصالحين طلبا
__________________
(١) لاحظ سورة غافر / ١٢ والصافات / ٣٥.