أقول : تعرّض المصنّف في المتن إلى أمور ثلاثة :
الأول : الصفات الثبوتية.
الثاني : الصفات الثبوتية الإضافية.
الثالث : الصفات السلبية.
ويعبّر عن الأولى بالصفات الذاتية ، والثانية بالصفات الفعلية ، والثالثة ترجع إلى الأول لتفرّعها عليها ، ويعبّر عن الثبوتية بصفات الكمال ، والسلبيّة بصفات الجلال ؛ وما ادّعي (١) من أنّه ليس لنا من صفاته إلّا السلوب والإضافات غير صحيح كما سوف يأتي.
والمراد من الصفة الذاتية ، أنها حالة تبيّن أحوال الموصوف ، والذات اسم منطبق على الموصوف.
الفرق بين الصفات الذاتية والفعلية :
إن الذاتية تعدّ أحوالا ومفاهيم منتزعة من الذات تحكي عنها ، فهي بالنسبة إلى الذات كنسبة الظل إلى ذي الظل ، ويكفي من انتزاع الذاتية ملاحظة الذات فقط لاستجماعها جميع أنواع الكمال.
أما صفات الفعل فهي متأخرة عن الذات ومنفكة عنها ، فهي قابلة للوجدان والتجدد بعد العدم ، فيتوقف انتزاعها على ملاحظة الغير ، إذ لا موجود لغيره تعالى إلّا فعله ، فالصفات الفعلية هي المنتزعة من مقام الفعل كالخالقية والرازقية ، مع ملاحظة الغير ، لأنّ الذات لوحدها من دون ملاحظة شيء آخر ليست كافية لانتزاع الخلق والرزق ، فالله سبحانه يعتبر خالقا ورازقا قبل إيجاد المخلوق والمرزوق إلّا أنه بالقوة (٢) لا بالفعل ، وكلامنا منصب على الصفات الفعلية المتلبّسة بالخارج. فالذات إذا لوحظت مع الفعل ووصفت بأوصاف تسمى تلك الأوصاف صفات فعل.
وهناك وجه آخر للتفرقة بين صفة الذات والفعل اختارهما الشيخان الكليني
__________________
(١) صاحب الدعوى : السيوري في باب حادي عشر : ص ٤٦ ط دار الأضواء.
(٢) نقصد «بالقوة» : عدم الاظهار ما دام الطرف الآخر في طي العدم ، فإذا أراد الله إخراجه إلى الوجود ترشح من فيضه سبحانه صفة الخالقية والمثيبية وغيرها من صفات الفعل ، فأظهر بخالقيته ومثوبيته للمخلوق قدرته على الخلق أو الإثابة ، ولا نقصد ب «القوة» معناها المصطلح عليه وهو «الاستعداد» الذي يعتبر نقصا فعليا في الممكنات ، ومما يتنزه عنه الحكيم سبحانه ، فتأمل.