مرتبة ذاته فيكون للغير تأثير في كماله وتمامه مما يؤدي إلى الدور المستحيل.
إضافة إلى أنهم لم يتصوروا كون الشيء وصفا مع كونه نفس الذات وعينها ، وسبب تصورهم ذاك يرجع إلى ملاحظة الصفة في الموجودات الإمكانية ، فالعالم في الإنسان وصف، هو غير الذات ، كما أن القدرة وصف ، هي غير الذات ، فقاسوا الواجب المتعال على الممكن المحتاج ، فاتخذوا ذلك ضابطة كلّية حتى في مقام الذات الإلهية ، فجعلوا كون الشيء وصفا ملازما للزيادة وعارضا على الذات فوقعوا في محذور خاص هو أن إثبات الصفات يستلزم تركّب الذات : من ذات ووصف أولا ، وخلو الذات من الكمال ثانيا ، وفاتهم أن ما اتخذوه ضابطة كلّية إنما يختص ببعض الممكنات ولا يشمل الذات الإلهية ، وذلك لأن من الممكن أن تبلغ الذات في الكمال والجمال مرتبة عالية تكون نفس العلم والانكشاف ونفس القدرة والحياة ، ولم يدل دليل على أن الصفة في جميع المراتب عرض قائم بالذات ، بل لهذه الأوصاف عرض عريض ومراتب متفاوتة ، ففي مرتبة يكون العلم عرضا كما في علمنا بالأشياء الخارجية ، وفي مرتبة يكون العلم جوهرا كما في علمنا بأنفسنا.
٣ ـ لو كان الداعي للقول بنيابة الذات عن الصفات هو المحافظة على التوحيد وبساطة الذات ، فالتوحيد ليس رهن القول بهذا الرأي ، بل إنّ التوحيد وبساطة الذات كما يحصل لهذا الرأي فإنه يحصل بما قالته الشيعة الإمامية وهو عينيّة الذات مع الصفات.
٤ ـ إن الأخذ برأي المعتزلة في نيابة الذات خلاف الاستعمالات القرآنية الداعية إلى الاستغاثة والتضرّع بالصفات والأسماء كما في قوله تعالى : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) (الإسراء / ١١١) ، (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها) (الأعراف / ١٨١).
وحمل الصفات التي تكلم عنها القرآن على الاستعارة والمجاز تكلّف ظاهر لا يساعد عليه الدليل ولا يصار إليه إلّا بقرينة واضحة وهي غير موجودة عندهم.
فما استدلوا عليه ظاهر البطلان.
رأي الأشاعرة : زيادة الصفات على الذات :
قالوا : إنّ هناك صفات كمالية زائدة (١) على ذاته سبحانه مفهوما ومصداقا
__________________
(١) لاحظ أسفار صدر المتألهين : ج ٦ ص ١٢٣.