ولم يكن عالما ، ولكن يمكن أن تبلغ الذات في الكمال والجمال مرتبة تكون نفس العلم ونفس القدرة من دون أن يكون العلم أو القدرة زائدين عليها.
ـ من خلال هذا العرض يتضح لدينا بطلان الرأيين المتقدّمين ، فيبقى هناك رأي ثالث للإمامية هو أمر بين أمرين.
رأي الإمامية : عينيّة الصفات مع الذات :
ويعبّر عنه بالتوحيد الصفاتي ، وهو عبارة عن اتحاد الصفات الذاتية مع الذات الإلهية وجودا وعينا ، فعلا وتأثيرا ، بمعنى أن ذاته تعالى البسيطة يكمن أن تتصف بمفاهيم وأوصاف كثيرة فهي متغايرة لكنها في حقه تعالى موجودة بوجود واحد لأن الواحد الأحد عزّ شأنه لا يتكثر لأجل تكثر صفاته لأنّ كل واحدة من صفاته إذا حققت تكون الصفة الأخرى بالقياس إليه ، فيكون قدرته حياته وحياته قدرته ، وتكونان واحدة ، فهو حي من حيث هو قادر وقادر من حيث هو حي وكذا في سائر صفاته. قال صدر المتألهين :
«كما أن صفاته الحقيقية كلها حقيقة واحدة لا تزيد على ذاته تعالى وإن تغايرت مفهوماتها وإلّا لكانت ألفاظها مترادفة ، فكذا صفاته الإضافية وإن كانت زائدة على ذاته متغايرة بحسب المفهوم ، لكن كلها إضافة واحدة متأخرة عن الذات ولا يخل بوحدانيته كونها زائدة عليه ، فإن الواجب تعالى ليس علوّه ومجده بنفس هذه الصفات الإضافية المتأخرة عنه وعمّا أضيف بها إليه ، وإنما علوّه ومجده وتجمله وبهاؤه بمبادىء هذه الصفات التي هي عين ذاته الأحدية : أي تكون ذاته تعالى في ذاته بحيث ينشأ منه هذه الصفات وينبعث عنه هذه الإضافات ، وكما أن ذاته بذاته مع كمال فردانيته وأحديته يستحق هذه الأسماء من العلم والقدرة والحياة من غير أن يتكثر ويتعدد حقيقة أو اعتبارا وحيثية ، لأنّ حيثية الذات بعينها حيثية هذه الصفات كما قال أبو نصر الفارابي وجود كله ، وجوب كله ، علم كله ، قدرة كله ، حياة كله.
لا أن شيئا منه علم وشيئا آخر منه قد رد ليلزم التركيب في ذاته ، ولا أنّ شيئا منه علم وشيئا آخر فيه قدرة ليلزم التكثر في صفاته الحقيقية ، فكذا صفاته الإضافية لا يتكثر معناها ولا يختلف مقتضاها وإن كانت زائدة على ذاته ، فمبدئيته بعينها رازقيته وبالعكس ، وهما بعينهما جوده وكرمه وبالعكس ، وهكذا في العفو والمغفرة والرضا وغيرها إذ لو اختلفت جهاتها وتكثرت حيثياتها لأدى تكثرها إلى