انقسامات علمه عزوجل
ينقسم علمه سبحانه ـ باعتبار متعلقه ـ إلى مراتب ثلاث :
الأولى : علمه سبحانه بذاته.
الثاني : علمه سبحانه بالأشياء قبل إيجادها.
الثالث : علمه سبحانه بالأشياء بعد إيجادها.
ومرادنا من العلم المبحوث عنه هنا هو المرتبة الثالثة المطابق لما ورد في التعريف الأول ، وقبل بيان دليله لا بدّ من الاستدلال على المرتبتين الأوليين.
المرتبة الأولى :
قد عرفت أنّ العلم الحصولي هو انطباع الصور في صفحة الذهن ، وهذا النوع من العلم لا ريب أن الباري عزوجل يتنزّه عنه ، فيتعين أن يكون علمه تعالى حضوريا بمعنى حضور ذاته لديه ويستدلّ عليه :
أولا :
أنه عزوجل مفيض الكمال على الممكنات لا سيما على الإنسان حيث أفاض عزّ شأنه عليه علما حضوريا بمعنى أن الإنسان عالم بذاته علما حضوريا وهو بنفسه كمال ، فمن أفاض الكمال على غيره كيف يكون فاقده؟! إذ لو كان فاقدا له كيف يعطيه لغيره وفاقد الشيء لا يعطيه ؛ ولو كان سبحانه فاقدا لهذا الكمال ـ فرضا ـ في حين أنه وهبه لغيره لكان الموهوب له أشرف من الواهب ، والمستفيد ـ أي الممكن ـ أكرم من المفيد وهذا خلف كونه تعالى واهب العطايا وسابغ المكرمات ، «كيف يسوغ عند ذي فطرة عقلية أن يكون واهب كمال ما ومفيضه قاصرا عن ذلك الكمال؟! فيكون المستفيد أكرم من المفيد ، وحيث ثبت إسناد جميع الممكنات إلى ذاته تعالى التي هي وجوب صرف وفعلية محضة ـ ومن جملة ما يستند إليه هي الذوات العالمة والصور العلمية ، والمفيض لكل شيء