الدليل الثاني :
وكما قلنا سابقا أن علمه تعالى حضوري ، ولا يفرّق في الحضوري بين كونه كلّيا أو جزئيا وإلّا فلو انحصر بالكلي لما صدق عليه أنه حضوري ، لأنّ معنى الحضور هو الإشراف والإحاطة التامة بالمعلول بكل جزئياته وتفصيلاته.
الدليل الثالث :
إنّ الكون بكل ما فيه من ذرّات في حالة تجدّد وتغيّر ، ليس فقط بعوارضه وصفاته بل بجواهره وذواته بناء على الحركة الجوهرية أو الديناميكية الحديثة ، وما يتراءى للناظر من الثبات والجمود في عالم الوجود والطبيعة فهو من خطأ الحواس وعدم دركها للواقع ، وإنما الحقيقة والواقع أنّ كل شيء في عالمنا في حالة تغيّر وتجرّد آنا بعد آن ، فكل الكائنات في حالة تدرّج وسيلان ، فليس للوجود حالة استقرار وثبات ويشهد له قوله تعالى :
(إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) فمبدأ وجود الكائنات هو الخالق العظيم ومنتهاها إليه تعالى ، فهي في حركة دائمة بالصعود إلّا أننا غافلون عن ذلك ، فالكائنات كما أنها كانت بحاجة إليه تعالى حدوثا ، فهي دائما بحاجة إليه استمرارا لكي يفيض عليها الحياة لعدم وجود قابلية لها للبقاء ، وليس بمقدورها الخروج عن حيطة العلة الموجدة ، فبهذا يتضح أن العالم بذرّاته وجزئياته معلوم له تعالى لا يغب عنه أبدا.
الدليل الرابع :
إنه تعالى يصح له أن يعلم كلّ معلوم لأنه حيّ فيجب له ذلك لاستحالة افتقاره إلى غيره ، وكلّ حيّ يصح منه أن يعلم ، ونسبة هذه الصحة إلى جميع ما عداه نسبة متساوية ، فيتساوى نسبة جميع المعلومات إليه أيضا.
هذه أهم الأدلة على علمه تعالى بالجزئيات.
إنكار الخصم لعلمه تعالى بالجزئيات :
قلنا ان بعض الفلاسفة أنكر علمه تعالى بالجزئيات واستدلّوا على ذلك ببعض الاعتراضات هي :
الاعتراض الأول :
إنّ العلم يجب تغيّره عند تغيّر المعلوم وإلّا لانتفت المطابقة ، وبما أن