والترك قبل الإتيان بهما بخلاف الموجب.
الثاني : الفاعل المختار يمكنه الفعل والترك معا بالنسبة إلى شيء واحد ، أما الموجب فبخلافه حيث لا يعدّ قادرا على الإتيان بالطرفين (الفعل والترك).
الثالث : فعل المختار مسبوق بالعلم والإرادة بخلاف الموجب.
البراهين على قدرته تعالى :
يستدلّ على كونه تعالى قادرا بعدة براهين أهمها :
البرهان الأول :
آثار الصنع العجيب.
قد علم بالبراهين القاطعة أن وجود الأثر مؤشّر واضح على وجود المؤثّر فوجود المعلول دليل على وجود العلة وكاشف عنها ، إذ لو لا العلة لما أمكن أن يوجد نفسه ، إذ هو بحاجة إلى من يوجده من حضيض العدم إلى نور الوجود ، وكلّما عظم المعلول في تركيبه وعجائب خصوصياته كلّما دلّ هذا على عظم وقدرة العلة التي أوجدته ، وهكذا إذا نظرنا بتجرّد وتأمّل في عالمنا الفسيح الرحيب الرهيب العجيب بما فيه من موجودات من الذرّة إلى المجرّة مع ما فيها من غاية النظم والدّقة ، كل ذلك يكشف عن كون خالقه قادرا عظيما حكيما ، فتنبهر أمام عظمته وجبروته العقول ، وتتواضع أمام قدرته وملكوته القلوب. كل هذا مؤشر واضح على أنّ صانعه ومدبره قادر مختار.
البرهان الثاني :
قد ثبت بالبرهان العقلي حدوث العالم ويلزم منه كون وجوده مسبوق بالعدم ومتأخر عن الصانع ، وكلّما ثبت تأخره عنه يستدعي كونه أثر المؤثّر المختار كما تقدم ، لأنّ فعل المضطر لا يجوز تأخره عنه ، فحدوث العالم وتأخره يدلّ على أنّ مبدأه يكون فاعلا مختارا.
البرهان الثالث :
إنّ فعله تعالى لو كان على نحو الاضطرار يلزم فناؤه تعالى بفناء أجزاء العالم ، لأنه كما يلزم من وجود الفاعل المضطر (الموجب) وجود الأثر كذلك يلزم من عدمه العدم وذلك باطل بالبداهة.