عموم قدرته تعالى لكل مقدور.
الشبهة الثانية :
مفادها : أنه تعالى لا يقدر على الشر.
ذهبت الثنوية وهم أصحاب الاثنين الأزليين «النور والظلمة» فهما بنظر أصحاب هذه العقيدة اثنان أزليّان قديمان (١) ، فالخير من النور ، والشر من الظلمة.
وهناك أنصار للثنوية بمعتقداتها منها :
١ ـ الزرداشتيّة : وهم أصحاب زردشت بن يورشب الآذربايجاني ، هؤلاء اعتقدوا بوجود نور وظلمة ، أصلين متضادّين لا يجتمعان ، فكل خير في الكون مصدره النور ، وكل شر وفساد مصدره الظلمة ، وعبّروا عنهما بإلهي الخير والشر ، فإله الخير يدعى «يزدان» وإله الشر يدعى «أهرمن» ، فهما مبدأ الموجودات في العالم ، فهما دائما في تقاوم وتجاذب ، وتغالب حتى يغلب النور الظلمة ، والخير الشر ثم يتخلّص الخير إلى عالمه ، والشر ينحط إلى عالمه وذلك هو سبب الخلاص (٢).
٢ ـ المفوّضة : وهم قسمان :
قسم يعتقد بتفويض الخلق إلى العقول العشرة كما أسلفنا.
وقسم آخر يعتقد بتفويض أفعال البشر إلى أنفسهم ، فهم مستقلون في خلق الأفعال وإيجادها ولا صلة لها بخالق البشر ، ويسمّى هؤلاء بالقدريّة ، وأكثر أهل الاعتزال على هذه العقيدة الباطلة ، ويرجع السبب في اعتقادهم هذا حرصهم على العدل الإلهي في مقابل المجبّرة الذين نسبوا إليه تعالى أنه ألجأ عباده على المعاصي ، فالمعتزلة ذهبوا بعكسهم محاولة منهم تنزيه الباري عن الظلم فوقعوا بشيء أعظم منه.
ودليل هؤلاء : أنه سبحانه خير محض ، وفاعل الشر شرير ، ولو صدر منه سبحانه شر لعدّ فاعلا للخير والشر وهو خلاف فرض كونه خيرا محضا ، وهؤلاء كالمجوس المعتقدين أن الخير من الله تعالى والشر من الشيطان.
__________________
(١) الملل والنحل للشهرستاني : ج ١ ص ٢٤٤ وبحار الأنوار : ج ٣ ص ٢١١.
(٢) الملل والنحل : ج ١ ص ٢٣٧.