الصفة الثبوتية الإضافية (١)
صفة الكلام
لا أحد من المسلمين ينكر أنه سبحانه يتّصف بالكلام ، وهذا الأمر مما لا خلاف فيه بين الملّيين جميعا ، إلّا أن الخلاف نشب فيما بينهم فيما تقوم به تلك الصفة ؛ وما يهمنا أن المسلمين متفقون على كونه تعالى متكلما لوروده في الشرع المقدّس في نصوص الكتاب المجيد :
(وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) (النساء / ١٦٥).
(وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) (آل عمران / ٧٨).
(أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً) (الأعراف / ١٤٩).
(وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ) (الأعراف / ١٤٤).
ولا طريق لإثبات هذا الوصف من غير الشرع المبين لعدم وجود دليل عقلي على كونه تعالى متكلما أو بعدم اتصافه بصفة الكلام ، لأنّ الكلام بحسب التبادر العرفي هو الخارج من الفم والمركّب من الحروف والأصوات والمتكيّف بكيفيّة معينة في الهواء بتوسط اللسان الذي هو آلة لتحريك الهواء على الترتيب المخصوص الحاصل منه الحروف مع ما لها من المخارج.
والكلام بهذا المعنى المخصوص من مختصات المخلوق الممكن لا يناسب إطلاقه على المولى عزوجل لأنه بهذا النحو يستلزم كونه تعالى من الجسمانيات والمركّبات وهو عزّ شأنه منزّه عن كل ذلك.
فلا بدّ من أن يقال إنّ كلامه تعالى على نحو آخر يمتاز عن المعنى المتقدم ، من هنا انقسم المسلمون على أنفسهم بفهم هذه الصفة ، فكل اتّخذ لنفسه شرعة ومنهاجا ، فتمخضت أفكارهم إلى رأيين :