يلاحظ عليه :
أولا : إن الموجود المرتّب في أفق النفس ليس من سنخ الكلام ليكون كلاما نفسيا عند القائلين به ، بل هو صورة للكلام اللفظي ، ومن هنا قيل إن الموجود في النفس لا يختص بالكلام بل يعمّ جميع أنواع الأفعال الاختيارية ، وبما أن الموجود في النفس صورة اللفظ فيدخل في مقولة العلم لا أنه شيء وراء العلم كما ادّعوا.
ثانيا : إنّ إطلاق القول على الموجود المرتّب في النفس من باب المجاز والمشاكلة ، لأنّ القول من التّقول باللسان فلا يطلق على الموجود في الذهن أو النفس (الذي لا واقعية له إلّا الصورة العلميّة) ، إلا من باب العناية والمجاز.
الدليل الثالث :
لا ريب أنه تعالى متكلّم وقد دلّت على ذلك آيات عدّة ، ولازم ذلك قيام المبدأ على ذاته قياما وصفيا لا قيام الفعل بالفاعل ، وإلّا لم يصحّ إطلاق المتكلم عليه ، لأنّ المتكلّم من قامت به صفة التكلّم ولو كان معنى كونه سبحانه متكلما هو خلقه للكلام فلا يكون ذلك الوصف قائما به ، فلا يقال لخالق الكلام متكلم ، كما لا يقال لخالق الذوق أنه ذائق(١) ...
يلاحظ عليه :
أولا : إنّ قيام المبدأ بالفاعل على قسمين :
تارة يكون صدوريا كالقتل والضرب في القاتل والضارب.
وأخرى يكون حلوليا كالعلم والقدرة في العالم والقادر.
فصدور الكلام منه تعالى هو على النحو الأول كصدور الضرب من الضارب والقتل من القاتل ، أي إن التكلّم كالضرب من المبادي الصدوريّة لا الحلوليّة ، فلأجل أنه سبحانه موجد للكلام يطلق عليه أنه متكلم ، وزان إطلاق القاتل عليه سبحانه ، بل ربما يصح الإطلاق وإن لم يكن المبدأ قائما بالفاعل أبدا لا صدوريا ولا حلوليا ، بل يكفي نوع ملابسة بالمبدإ كالتمّار واللبّان لبائع التمر واللبن ، وأما عدم إطلاق الذائق على خالق الذوق فلأجل أن صدق المشتقات بإحدى أنواع القيام ليست قياسية حتى يطلق عليه سبحانه الذائق والشامّ ، بسبب إيجاده الذوق والشمّ ، وربما
__________________
(١) دلائل الصدق : ج ١ ص ١٤٧.