الصفة السلبية (٨)
أنه لا يتحد بغيره
والاتحاد بحسب المجاز صيرورة شيئين شيئا واحدا بأن يعدم عن الأول شيء ويحدث فيه آخر ، كما يقال : صار الماء هواء ، فإنّ الصورة المائية زالت واتصفت مادته بالصورة الهوائية ، أو بأن يمتزج شيئان ويحدث صورة ثالثة مغايرة للأولى كما يقال : صار الخشب سريرا ، أو كصيرورة التراب طينا بإضافة الماء إليه.
وأما الاتحاد بحسب الحقيقة فهو صيرورة الشيئين الموجودين شيئا واحدا لكن لا بأحد المعنيين المذكورين ، بل بأن تنتفي الذاتان وتتحد إحداهما بالأخرى.
والصنف الأول من الاتحاد فهو وإن كان ممكنا في حق غيره سبحانه إلّا أنه مستحيل عليه تعالى لاستحالة انفصاله وصيرورته جزءا من غيره.
وأما الصنف الثاني ، فقد أجازه بعض المنتسبين إلى الحكمة فقالوا : انه تعالى جائز في حقه تعالى لأنه إذا عقل شيئا اتحدت ذاته بذلك الشيء المعقول.
ووافقهم عليه النصارى معتقدين بالأقانيم الثلاثة ـ الأب ـ الابن ـ روح القدس. واتّحد ناسوت المسيح باللاهوت.
وقال جمع من المتصوفة :
إذا وصل العارف نهاية مراتبه انتفت هويته وصار الموجود هو الله وحده ، وتسمى هذه المرتبة عندهم ب «الفناء في التوحيد».
يورد عليهم :
الإيراد الأول :
إنّ الضرورة قاضية ببطلان الاتحاد بالمعنى المذكور لاستلزامه التركيب في