ومن معاني «العدل» الحكيم وهو الذي يضع كل شيء موضعه.
فعلى هذا يكون له معنيان :
الأول : عدم الميل إلى الهوى.
الثاني : الحكيم.
فعلى التعريف الأول : يكون قد استعملت كلمة «العدل» بالعرف العام بمعنى «رعاية حقوق الآخرين» في مقابل الظلم وهو «الاعتداء على حقوق الآخرين».
وعلى التعريف الثاني : يكون مفهوم «العدل» أوسع من مفهوم التعريف الأول ، لأنّ لفظ «الحكمة» يطلق على معنيين :
الأول : إتقان الفعل وإحكامه.
الثاني : وضع الشيء في موضعه اللائق به ، ولا يبعد أن يكون تعريف العدل مشمولا للمعنى الثاني للحكمة المرادفة لكلمة «العدل».
وأما تفسيره بمعنى التسوية بين شيئين فلا يعني ذلك أنه تعالى يجب أن يخلق المخلوقات بصورة متساوية فيخلق للإنسان قرونا وأجنحة أسوة له بالحيوانات بل إنّ مقتضى حكمة الخالق العظيم تستدعي أن يخلق العالم بصورة تترتّب عليها أكثر ما يمكن تحققه من الخير والكمال ، فليس من العدل والحكمة أن يساوي المعلّم بين طلّابه بحيث يتخذ موقفا واحدا من جميع طلابه فيساوي بين الجميع في التأديب أو التشجيع فلا يفرّق بين النشيط والكسول والذكي والبليد ، أيضا ليس من العدل أن يساوي القاضي بين المتخاصمين في المال المتنازع عليه لأن ذلك يعدّ ظلما ، فمن العدل أن يعطي كلّ ذي حق حقه.
الجهة الثانية : هل العدل صفة ذات أم صفة فعل؟
اختلف المحققون في ذلك ، فذهب المشهور إلى أنها صفة فعل ، ويظهر من جماعة أنها من صفات الذات المقدّسة ، ووافقهم العلّامة المظفر (قدسسره) حيث عدّه في صدر الفصل الأول من الإلهيات أنه من الصفات الثبوتية الكمالية النفسية لا الإضافية ، ولما ذكره في هذا الباب من أن صفاته الكمالية أنه تعالى عادل غير ظالم.
لكن يورد عليه :
إن قلنا إنّ العدل بمعنى المقابل للظلم فيكون صفة فعل لا صفة ذات وذلك