كلامية هامة كوجوب معرفة المنعم وشكره ، ولزوم البعثة وحسن الهداية وقبح الضلال ، وقبح العقاب بلا بيان ، وقبح التكليف بما لا يطاق الخ ...
والسبب أو الحكمة التي استدعت المظفّر إلى أن يستدل على عدله سبحانه بقاعدة الكمال المحض دون تلك القاعدة المشهورة لما في القاعدة الثانية من تعيين التكليف وتحديد وظيفة المولى عزّ ذكره دون القاعدة الأولى حيث إنها أقرب إلى لطفه تعالى وكونها بعيدة عن النقض والإبرام ، لذا قال المطهري :
«إن الحكماء يعتقدون بأنه تعالى عادل في أفعاله ولكن لا يستندون فيه إلى قاعدة الحسن والقبح التي يكون فيها نوع من تعيين التكليف والوظيفة لله تعالى» (١).
لكن يرد على ما قالاه :
إن معنى الوجوب العقلي في أمثال القاعدة ليس إلّا إدراك العقل للضرورة وكشف المناسبات ، فالقاعدة لا تشتمل على تعيين التكليف والوظيفة حتى يقال إنه لا يليق بشأنه تعالى وإلّا لو لم يكن للعقل دخل في حسن الإحسان وقبح الظلم عليه تعالى لتعطّل العقل وأصبح وجوده لغوا ، [فالاعتراف بعقلية حسن الإحسان وممدوحية فاعله عند العقل بمعنى صفة الكمال أو موافقة الغرض يلزمه الاعتراف بممدوحية فاعله عند الله إذ كل ما هو ممدوح أو مذموم عند العقل الصحيح بالضرورة أو بالبرهان الصحيح فهو ممدوح أو مذموم في نفس الأمر وإلّا لتعطّل العقل ، وكل ما هو ممدوح أو مذموم في نفس الأمر فهو ممدوح أو مذموم عند الله وإلّا لزم جهله بما في نفس الأمر تعالى عن ذلك علوّا كبيرا] (٢).
وقد استدلّ كل فريق على مدعاه بأدلة نذكرها تباعا ضمن نقطتين :
النقطة الأولى : استدلال الأشاعرة على نفي الحسن والقبح العقليين :
استدلوا على النفي بأدلة أهمها ثلاث :
الدليل الأول :
لو كان التحسين والتقبيح ضروريا ـ أي بحكم ضرورة العقل ـ لما وقع الاختلاف بين هذا الحكم وحكم أن الواحد نصف الاثنين وبما أن الثاني لم يقع
__________________
(١) العدل الإلهي.
(٢) شرح الأسماء للسبزواري : ص ١٠٧ وبداية المعارف : ص ١٠٤.