بالعرض لاقتضائه فقدان الثمار للكمال اللائق بها.
فالبرد ليس شرّا بذاته وإنما هو شرّ بالقياس أو بالإضافة إلى كونه أتلف الثمار وأفقدها الكمال المنشود لها ، لأنّ الموجودات ليست من حيث هي موجودات بشرور وإنما هي شرور بالقياس إلى الأشياء التي تؤدي إلى العدم ، إذن فالشرور أمور إضافية بالقياس إلى غيرها وأما في نفسها فلا شرّ فيها أصلا.
وبتعبير المحقق الدواني :
إنّ الشرّ بالذات هو العدم ، والوجود إنما يصير شرّا باعتبار استلزامه للشرّ (١).
يتلخّص مما تقدم أن الشر على قسمين :
أحدهما : هو الشر بالذات وبالحقيقة وهو ليس إلّا أمورا عدمية ليست لها علة بل معدومة بعدم علتها.
ثانيهما : هو الشر بالعرض وبالإضافة وهو ما يؤدي إلى العدم.
وعليه فليس بين الموجودات شرّ مطلق كما يتوهمه البعض وإلّا فما الغاية من خلقه حتى يوجده الله سبحانه؟ وإنما الموجود هو الشر بالعرض وهو ما يؤدي إلى الشر بالذات والشر بالذات ليس بمجعول لأنه معدوم بعدم علته.
ثم إن الشرور الإضافية المؤدية إلى شرور حقيقية حيث كانت جهة شرّيتها الإضافية قليلة في جنب خيريتها بملاحظتها مع النظام الكلي من العالم لا تعدّ شرورا بالذات وإنما هي شرور إضافية قيست إلى أفراد معينين وأما في نفسها وبالقياس إلى النظام الكلي فلا شر فيها أصلا.
الوجه الثاني :
لو سلّمنا جدلا أن الشرور وجودية وليست عدمية فنقول : إن الشرور الوجودية من لوازم العالم المادي فالأمر يدور بين أن يترك العالم المادي مع أنّ فيه خيرا غالبا أو يوجد ، والثاني هو المتعيّن ، لذا قال أرسطو : إن الشرور الموجودة في العالم المادي لازمة للطبائع المادية بما لها من التضاد والتزاحم فلا سبيل إلى دفعها إلّا بترك إيجاد هذا العالم ، وفي ذلك منع لخيراته الغالية على
__________________
(١) درر الفوائد : ج ١ ص ٤٥٧.