وما للمسألة من جذور وأصول فلسفية تتناول عدل الله تعالى ، لذا فإن للتكليف صلة مباشرة بمسألة صحة إمكان صدور القبيح منه تعالى أو لا؟ لأنّ التكليف مما أمر به الباريعزوجل فهل هو قبيح أو لا؟
فعلى المسلك «الأشعري» باتت المسألة واضحة المعالم حيث إن الأفعال عندهم في حدّ نفسها ليست حسنة ولا قبيحة بل كل ذلك متعلق بالشرع ، فما أمر به فهو حسن ولو كان بنظر العقل السليم قبيحا ، وأما على المسلك الإمامي فإن الباري عزوجل لا يفعل القبيح ولا يخلّ بالواجب كما سوف يأتيك في الأمر الرابع.
وقد تعرّض المصنّف في هذا الباب إلى أربعة أمور :
الأمر الأول : التكليف بعد إقامة الحجة.
الأمر الثاني : أنه عزوجل لا يكلّف بغير المقدور.
الأمر الثالث : أن الجاهل المقصّر معاقب.
الأمر الرابع : الغاية من التكليف.
أما الأمر الأول : ففيه توضيحان :
الأول : ما هو التكليف؟
الثاني : ما هي الحجة؟
١ ـ أما التوضيح الأول :
فيراد من «التكليف» الإلزام المنصب على المكلّف من قبل من تجب طاعته ابتداء كالمولى عزّ شأنه ومن له ولاية على العباد من قبله سبحانه كالأئمة والأنبياء عليهمالسلام.
وبعبارة أخرى : إن التكليف عبارة عن الحكم الصادر منه تعالى لتنظيم حياة الإنسان وتوجيهه نحو الكمال المطلق.
وعرّفه العلّامة الحلي (قدسسره) بأنه :
«إرادة من تجب طاعته على جهة الابتداء ما فيه مشقة بشرط الإعلام» (١).
ففي التعريف المذكور أربعة قيود :
__________________
(١) كشف المراد : ص ٣٤٥.