يمكن للإنسان أن يصير حيّاكا أو نجّارا أو صائغا أو طبيبا ، وهذه أمور حسّية فكيف بغيرها من غير الحسية مما يكون الاحتياج إلى معلّم لها بطريق أولى.
ينقض عليهم :
أولا : أن ما أفادوه مخالف للوجدان ولطريقة العقلاء القاضيين بحصول العلم في كثير من الأمور من دون استناد أو توقّف على وجود معلّم ، فإننا في حياتنا اليومية نحصل على كثير من العلوم عن طريق تفكيرنا من دون استعانة بمعلّم خارجي ، نعم من دون معلّم يصعب حصول العلم ، ولكن كلمة «يصعب» شيء ، وما ادّعوه من أنه «متعذر» شيء آخر.
ثانيا : أنه متى ما روعي ترتيب المقدّمتين في القياس بجزئيه الصوري والمادي في الذهن ، فيحصل لنا الجزم بالنتيجة سواء كان هناك معلّم أو لا ؛ فما ادّعاه بعض الاسماعيلية مخالف لطريقة العقلاء عامة.
الأمر الرابع : شروط النظر :
متى يكون النظر صحيحا ، ويؤتي ثماره لا بدّ فيه من شروط ثلاثة :
الشرط الأول : عدم الحصول على الغاية ، بمعنى أن الإنسان إذا أراد النظر في مقدمات ما لا بدّ أن يحصل على غاية وهي الاطّلاع على النتيجة هل هي صحيحة أم لا بعد تركيب القياس بأن العالم متغير ـ وكل متغير حادث ، فالعالم حادث ، فإذا كانت الغاية حاصلة لديه ، ومع هذا نظر فيها فإنه أشبه شيء بتحصيل الحاصل وهو قبيح ، لأنه بعد تحصيل الغاية يكون قد أراد تحصيلها من جديد.
الشرط الثاني : ألّا يعتقد بضد النتيجة التي يريد الاطّلاع عليها ، فإذا كان معتقدا بضدها أي «عدم حدوث العالم» فسوف يكون جاهلا بالجهل المركب ككثير من الناس الذين يعتقدون الوصول للواقع مع أنهم بعيدون عنه.
الشرط الثالث : حضور المطلوب لدى الناظر ، إذ الغافل عن الشيء لا يطلبه ، والنظر نوع من الطلب.
الأمر الخامس : في رتبة النظر :
والمراد منه : أنه ما هي أول الواجبات على المكلّف؟
اختلف المتكلمون في ذلك على ثلاثة وجوه :
الأول : أنه الشك.