فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ) (الأنعام / ١٥٠) ورد فيها أن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة ، عبدي أكنت عالما؟ فإن قال : نعم ، قال الله : أفلا عملت بما علمت؟ وإن قال : كنت جاهلا قال له : أفلا تعلمت حتى تعمل؟ فيخصم فتلك الحجة البالغة (١).
وعليه فما ذهب إليه الأردبيلي وصاحب المدارك ومن تبعهما من أن العلم واجب نفسي ، والعقاب على تركه من حيث هو لا من حيث إفضائه إلى المعصية أي ترك الواجبات وفعل المحرّمات المجهولة تفصيلا مشكل بل غير صحيح فلا يعاقب من خالف الواقع إلا عقوبة واحدة على مخالفة الواقع (٢).
ويستظهر من عبارة المصنف أن المؤاخذة على ترك الواقع لا ترك التعلم كما استظهره بعضهم.
ومن الآيات التي استدل بها على وجوب التعلم آية الذكر بقوله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (النحل / ٤٤) فالآية واضحة الدلالة على أن الجاهل يفرض عليه أن يسأل العالم ، وهذا أمر جرى عليه العقلاء في كل زمن.
وما ورد من الأخبار الحاثّة والدالة على وجوب التعلم (٣) منصرفة إلى العلم المفضي للعمل ودرك الواقع.
ويشهد لهذا ما ورد من أن العلم يهتف بالعمل ، وأنه لا يسع الناس ترك المسألة عمّا يحتاجون إليه (٤).
الثالث : الأخبار الدالة على أنّ المقصّر غير معذور ، منها :
ما ورد سابقا من قوله تعالى : (فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ).
وما ورد أيضا عن مولانا الإمام الصادق عليهالسلام حيث سئل عن مجدور أصابته جنابة فغسّلوه فمات.
قال عليهالسلام : قتلوه ألا سألوا فإنّ دواء العي (الجهل) السؤال (٥).
وسبب قتلهم له أنّ حكم المريض إذا أجنب ولم يقدر على الغسل أو أنه
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٢ ص ٢٩ وتفسير البرهان ج ١ ص ٥٦٠.
(٢) بداية المعارف : ج ١ ص ١٤٩.
(٣) منها أخبار طلب العلم فريضة لاحظ أصول الكافي : ج ١ ص ٣٠ ح ١.
(٤) أصول الكافي : ج ١ ص ٣٠ ح ٣.
(٥) أصول الكافي : ج ١ ص ٤٠ ح ١.