وذلك يفضي إلى الشك في صدق الأنبياء ويمتنع الاستدلال بالمعجزة عليه.
دليل الأشاعرة على صدور القبيح منه تعالى (حاشاه عزوجل):
استدلّوا عليه بوجهين :
الأول : أنه تعالى كلّف الكافر بالإيمان وهو تعالى يعلم أنه سيموت على كفره ، وتكليفه بالإيمان قبيح لعلمه تعالى أن الكافر سيموت على الكفر فيكون تكليفه بالإيمان قبيحا مما يعني صدور القبيح منه تعالى وهو المطلوب.
والجواب :
إنّ تكليف الكافر كان من أجل تعريضه بما يوجب له الثواب الأخروي ، وذلك حسن ، فمع مخالفته التي هي بسوء اختياره النابع عن إرادته استحق الضرر والعذاب الأخروي ومع استحقاقه للعذاب لا يصير ذلك الحسن قبيحا كما لو أنّ طبيبا أخبر إنسانا بما هو سم ومفني للحياة ، وما هو ملائم ومبقي لحياته وأمره باجتناب الأول ونهاه عن ترك الثاني ، فإنه يكون محسنا في حقه بذلك ، فإذا خالف المريض الطبيب وفعل عكس ما أمره به فلا يكون حينئذ الطبيب مهلكا للمريض بل الهلاك نتيجة مخالفته لأمر الطبيب.
الثاني : إنّ تكليفه إمّا لفائدة أو لا ، والثاني أي تكليفه لغير فائدة عبث مستحيل عليه تعالى عند الفريقين ، فلا بدّ أن يكون تكليفه لفائدة ، وهذه الفائدة إما للنفع وإما للضرر ، والثاني قبيح ، والأول إما أن يعود النفع إليه تعالى وهو محال ، أو يعود إلى الكافر وهو باطل لأنه يعلم عدم وصوله إليه فيكون عبثا وهو قبيح أو أن النفع يعود إلى غيره وهو قبيح أيضا لأنّ تعذيب زيد لنفع عمرو قبيح ، فقد بان وظهر أن تكليفه قبيح على كل تقدير.
والجواب :
ليس الغرض (كما قلنا) من التكليف حصول النفع لمن علم الله سبحانه أنه يؤمن به دون الكافر ، وإنما الغرض من التكليف هو التعريض لإيصال الثواب بالفعل ، وحصول الثواب بالفعل مشروط باكتساب موجب الاستحقاق الذي هو الإيمان والعمل الصالح ، وكفره من قبل نفسه لا من جهة الله تعالى.
وبعبارة : لو كان الغرض من التكليف هو نفس الثواب فإنه باطل لأنّ الكافر لا يصله نفع ، فيتبين أن الغرض من التكليف هو جعل المكلّف في معرض الثواب وهو كما يثبت بحق المسلم يثبت بحق الكافر.