الثاني : أنه النظر.
الثالث : المعرفة بالله تعالى.
ـ الوجه الأول لأبي هاشم ودليله :
أن النظر يجب أن يكون مسبوقا بالشك.
ـ الوجه الثاني لأبي إسحاق الأسفرائيني والسيد المرتضى وابن نوبخت.
ـ والوجه الثالث للأشاعرة وبعض المعتزلة ، وفيه إشارة من كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام كما في قوله في النهج : «أول الدين معرفته».
والحق أن يقال : إن النظر أول الواجبات ، لأنّ الشك متقدم على النظر ، والنظر متقدم على المعرفة ، وهي حالة متأخرة بعد الشك والنظر ، وذلك كالطارق على الباب ، فمن كان داخل الدار شاكّا يكون الطارق رجلا أم امرأة ، هنا عليه أن يبحث وينظر حتى يتبيّن له معرفة الطارق بالتفصيل.
وما ورد عن أمير المؤمنين عليهالسلام : «في أن أول الدين معرفته» فإن أريد بالأوليّة ما كان أولا بالذات وبالقصد الأول فلا شك أنه هو المعرفة بالله سبحانه ، فإن النظر إنما يطلب لأجلها ؛ وإن أريد به ما كان أولا كيف كان ، فهو القصد إلى النظر لأنه شرط ، والشرط مقدّم على المشروط (١).
فتلخص من هذا أن المعرفة حالة حاصلة بعد الشك والنظر ، ولا بأس هنا من الإشارة إلى تنبيهات عدة :
التنبيه الأول : في الفرق بين المعرفة والعلم :
وقبل بيان الفرق بينهما لا بدّ من الإجابة على سؤال مفاده :
هل يعرّف العلم؟
فذهب جماعة : إلى عدم إمكان الوقوف على حد للعلم وذلك بوجهين :
الأول : إن المعرّف (بالكسر) لا بدّ أن يكون أجلى وأوضح من المعرّف (بالفتح) ومن الواضح أنه لا يوجد شيء أوضح من العلم.
__________________
(١) نهج المسترشدين : ١١٣.