الباب السادس
عقيدتنا في القضاء والقدر
قال المصنف (قدسسره) :
ذهب قوم وهم (المجبّرة) إلى أنه تعالى هو الفاعل لأفعال المخلوقين فيكون قد أجبر الناس على فعل المعاصي وهو مع ذلك يعذّبهم عليها ، وأجبرهم على فعل الطاعات ومع ذلك يثيبهم عليها ، لأنّهم يقولون أن أفعالهم في الحقيقة أفعاله وإنّما تنسب إليهم على سبيل التجوز لأنهم محلها. ومرجع ذلك إلى إنكار السببية الطبيعية بين الأشياء ، وأنه تعالى هو السبب الحقيقي لا سبب سواه.
وقد أنكروا السببية الطبيعية بين الأشياء إذ ظنوا أن ذلك هو مقتضى كونه تعالى هو الخالق الذي لا شريك له. ومن يقول بهذه المقالة فقد نسب الظلم إليه تعالى عن ذلك.
وذهب قوم آخرون وهم المفوّضة إلى أنه تعالى فوّض الأفعال إلى المخلوقين ، ورفع قدرته وقضاءه وتقديره عنها ، باعتبار أن نسبة الأفعال إليه تعالى تستلزم نسبة النقص إليه ، وأن للموجودات أسبابها الخاصة وان انتهت كلها إلى مسبّب الأسباب والسبب الأول ، وهو الله تعالى. ومن يقول بهذه المقالة فقد أخرج الله تعالى من سلطانه ، وأشرك غيره معه في الخلق.
واعتقادنا في ذلك تبع لما جاء عن أئمتنا الأطهار عليهمالسلام من الأمر بين الأمرين ، والطريق الوسط بين القولين ، الذي كان يعجز عن فهمه أمثال أولئك المجادلين من أهل الكلام. ففرّط منهم قوم ، وأفرط آخرون. ولم يكتشفه