للبناء ، والقضاء بمنزلة وجود البناء خارجا.
وهذا المعنى هو نفس ما أشار إليه مولانا الإمام الرضا عليهالسلام فيما رواه يونس بن عبد الرحمن عند ما سأله الإمام عليهالسلام معلّما إيّاه بقوله :
أتعلم ما القدر؟ قال يونس : لا.
قال عليهالسلام : هي الهندسة ووضع الحدود في البقاء والفناء ، ثم قال عليهالسلام والقضاء هو الإبرام وإقامة العين (١).
قال العلّامة محمد حسين الطباطبائي (قدسسره) :
«القدر كمية الشيء وهندسته وحدّه ، وتقديره تعيين حدوده وخصوصيات وجوده ، وأكثر ما يقصد ويعمل إنما هو في الصناعات كما أنّ الخيّاط يقدّر الثوب قبل أن يبزّه ويخيّطه ، والنّجار يقدّر الخشب ليصنع منه مثلا كرسيّا بصفة كذا وكذا ، والقالب يقدّر المادة المقلوبة على ما يعطيها من الكم والشكل والهيئة وغيرها (٢).
وأما اصطلاحا : فقد ذكر لهما ـ أي القضاء والقدر ـ عدّة تفسيرات أهمها :
التفسير الأول :
كونهما بمعنى التحديد والإبرام. فالتقدير نوع تحديد للموجود في خصائص وجوده ، والقضاء لزوم وجوده بعد تقديره لو تمت شرائطه تماما كلزوم وجود المعلول بواسطة علته.
وهذا التفسير لهما لا يختلف عن معناهما اللغوي.
توضيح ذلك :
إنّ كل موجود لا يتحقق خارجا حتى يكون وجوده ضروريا مقطوعا به من ناحية علته الوجودية ، وهكذا لا يوجد أي معلول في الخارج حتى تتحدّد خصائص وجوده ، بل لا يكون المعلول معلولا لعلته حتى تتحدّد كميته وكيفيته وجميع خصائصه الزمانية والمكانية فيكون وجوده واجبا وعدمه ممتنعا.
مثاله : لو تصوّرنا حجرا أصاب زجاجة بشدّة ، فإنّ الزجاجة حينئذ لا بدّ وأن تنكسر ، وأيضا لا بدّ أن يكون الانكسار بكيفيّة خاصة ، فبما أنّ الزجاجة لا تقاوم
__________________
(١) أصول الكافي : ج ١ ص ١٥٨.
(٢) هامش الأسفار : ج ٨ ص ٢٩٢.