الثاني : إن العلم من الصفات الوجدانية فلا يفتقر إلى تعريف وذلك :
أولا : لأن الإنسان الذي لم تكن المسألة ظاهرة له لم تنكشف له ، حيث يجد في نفسه حالة لم تكن حاصلة له من قبل ، وتلك الحالة هي العلم بالمسألة.
ثانيا : إن الوجدانيات من الضروريات ، والضروري لا يفتقر إلى نظر وكسب.
وذهب آخرون : إلى أن العلم له حدّ لذا عرّفوه بتعريفين :
الأول : إنه الاعتقاد بأن الشيء على صفة كذا مع اعتقاد أنّه لا يكون إلّا كذا (١).
الثاني : إنه اعتقاد يقتضي سكون النفس ، وكلاهما غير ما نعيّن (٢).
أمّا بيان الفرق بين المعرفة والعلم فقيل :
إنّ المعرفة أخصّ من العلم ، لأنها علم بعين الشيء مفصّلا عمّا سواه ، والعلم تارة يكون مجملا وأخرى مفصّلا (٣).
فإذا كان كذلك فلا يصحّ أن يقال : «بأن الله عارف» بل الله عالم ، لأنّ علمه محيط بالجزئيات والكليات على حدّ سواء ؛ وحيث إنّ المعرفة قسم من العلم وجزء منه فلا يصح حينئذ إطلاقها عليه عزوجل إلّا بقرينة تحدّد سعة معرفته سبحانه بشئون خلقه.
والمفهوم العام للمعرفة يساوي مطلق العلم والاطّلاع ، وأحيانا تخصّص المعرفة بالإدراكات الجزئية.
وقد يقال في تعريف لفظ المعرفة بأنها :
«العلم الذي بواسطته يقوّم المرء تصوراته ويعيّن بها الملاك لتمييز الصحيح من الخطأ من تلك التصورات».
ومفهوم المعرفة واضح تماما كمفهوم العلم فليس بحاجة إلى تعريف ، لذا يعرّف الاسم كما هو آنفا ، لأنه ليس هناك مفهوم أوضح من مفهوم العلم حتى
__________________
(١) كشف المراد : ٢٤١ ط الأعلمي.
(٢) نفس المصدر.
(٣) الفروق اللغوية : ٦٢.