أما وجه حصر الأجل المسمّى بليلة القدر مع أنه وكما تذكر النصوص القرآنية والنبوية أنه في اللوح المحفوظ ، فوجهه أنه سبحانه يظهره على بعض عباده لحكم متعددة في ليلة القدر نازلا من اللوح المحفوظ.
إلى هنا انتهينا من الأمر الأول بشقوقه المتعددة.
الأمر الثاني : أقسام القضاء والقدر :
ينقسم كلّ منهما إلى قسمين :
علمي وعيني خارجي.
فالتقدير العلمي : عبارة عن تحديد كلّ شيء بخصوصياته في علم الله الأزلي قبل أن يخلق الخلق ، حيث كان عالما بالخصوصيات المادية والمعنوية ومقدارها قال تعالى : (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).
والقضاء العلمي : عبارة عن علمه تعالى بضرورة وجود الأشياء وإبرامها أي يعلم بوجوب تحقق أي شيء أو عدم تحققه ، فعلمه تعالى السابق بحدود الأشياء وضرورة وجودها بعد استيفاء شرائطها المقرّرة هذا القسم الأول من التقدير العلمي. أما التقدير العيني فهو ما يتحقق في عالم الخارج بعد اكتساء الشيء علله وشروطه أو عدم ذلك.
فالتقدير العيني : هو عبارة عن الخصوصيات التي يكتسبها الشيء من علله عند تحققه وتلبّسه بالوجود الخارجي.
والقضاء العيني : عبارة عن ضرورة وجود الشيء عند وجود علته التامة ضرورة عينية خارجية.
فالتقدير والقضاء العلميان مقدّمان على التقدير والقضاء العينيين الخارجيين.
وقد نصّ الكتاب الكريم على كلا القسمين العلمي والعيني.
فالآيات الدالة على التقديرين العلميين :
الآية الأولى :
قوله تعالى : (وَاللهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ) (فاطر / ١٢).
فالآية تدلّ على سبق علمه تعالى على تحقق الأشياء وتكوّنها وتقدّرها بمقدار