إشكال :
كيف تقول ذلك ونحن نرى بعيوننا أنّ الإنسان جسم يصنع كرسيا أو شيئا آخر وهو جسم؟
والحل :
إنّ الإنسان حينما يوجد جسما آخر فإنه لا يوجده من العدم وإنّما يركّبه ويعدّه بالعلة الإعدادية لإخراجه إلى عالم الوجود ، فعمله مجرّد تركيب خشبة على خشبة ، وهذا بعكس الإيجاد فإنّ المقصود به إيجاده من العدم إلى الوجود وهذا مختص بواجب الوجود الله سبحانه وتعالى شأنه.
هذه أهم الأدلّة العقلية التي أقامها الأشاعرة لإثبات صحة الجبر والنقوض عليها.
الأدلة النقلية :
استدلّ الأشاعرة على الجبر بظواهر بعض الآيات والروايات مع معارضتها لأدلّة العقل القاضي بنفي الجبر عن ساحة المولى لاستلزامه الظلم الذي يجب أن ينزّه عنه الباري عزوجل ، إذ كيف يجبرنا على الأفعال ثم يعذّبنا عليها؟!
وفي باب العقائد لا بدّ من حجة استنادية تفيد القطع والاطمئنان ولا اعتداد بظواهر الأدلة السمعيّة لعدم إفادتها القطع المذكور أو لمعارضتها للدليل القطعي ، فلا تخلو عن كونها ظنا وإن الظن لا يغني من الحق شيئا ، فإذا كان كذلك فلا يمكن طرح الآيات من أجل المصادمة المذكورة بل لا بدّ حينئذ من تأويلها بما يوافق العقل والآيات الأخر في القرآن الكريم ، بحيث تخرج تلك الطائفة من الآيات عمّا أراد المجبّرة.
من الآيات التي ادعوا دلالتها على الجبر :
١ ـ الآية الأولى :
قوله تعالى : (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) (الصافات / ٩٧).
مفاد الآية ـ بنظرهم ـ أن «ما» مصدرية وليست اسما موصولا فيكون المعنى : الله خلقكم وأعمالكم أي وخلق أعمالكم معكم ومنها عبادة الأصنام وما شابهها.
لكنّ الظاهر والصحيح أنّ «ما» تعدّ اسما موصولا بلا إشكال وبقرينة ما قبلها كقوله تعالى : (أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ) «فما» في هذه الآية موصولة ، فالمعنى : أن