التعبدية ، فتعني أنها تعتمد على خبر المخبر الصادق وهو النبي والوصي فلا بدّ من السعي لتحصيلها.
ولتحقيق هذين النوعين من المعرفة نوضّحهما تباعا.
المعرفة الحصولية :
ويراد منها :
المعرفة التي يحصل عليها الإنسان عن طريق الاستدلال الفكري النظري المحض كسعي الإنسان لمعرفة أن الله سبحانه قادر على كل شيء ، فإنه بواسطة مفاهيم كليّة يتوصل من خلالها أنه سبحانه قادر فعلا على كل شيء ، فيصبح عنده الغيب شهادة وحضورا.
ويعبر عنها بالمعرفة العقلية القائمة على أسس العقل واستنتاجاته ؛ وفي هذه المعرفة حاول بعض المشككين الماديين إنكارها لكونهم لا يعتمدون في كل شيء على غير الحس (١) والتجربة ، وأن المدركات العقلية بنظرهم لا يمكن لها استكشاف المجهول ، واستدلّوا على ذلك :
بأنّ العقليات المحضة يكثر وقوع الخطأ والغلط فيها مع عدم وجود ما يميّز به الصواب من الخطأ ؛ يعنون بذلك الحسّ والتجربة المماسّين للجزئيات بخلاف الإدراكات الحسية لأننا إذا أدركنا شيئا بالحواس اتبعنا ذلك بالتجربة والتكرار.
وقد تجرأ أصحاب نظرية أصالة الحسّ إلى إنكار ما وراء الطبيعة ، فأنكروا خالق الكون بدعوى أنه سبحانه لا تناله يد الحسّ والتجربة ، فقالوا : كيف نؤمن بوجود كائن لا تراه حواسنا.
وشبهتهم داحضة بوجوه :
الأول : إن كلامهم المتقدم مبتن على مقدمات عقلية ، فكيف يمكن الاعتماد على مقدمات عقلية لبطلان الاعتماد على مقدمات غير حسية؟
الثاني : إن الحسّ والتجربة ليسا منزّهين عن الخطأ ، بل إنّ الغلط والخطأ في الحواس لا يقصر عددا عن الخطأ في العقليات ، فلو كان مجرّد وقوع الخطأ في
__________________
(١) وأنصار هذه النظرية يطلق عليهم مصطلح «الحسيّون» لأن الأصالة عندهم للمادة (الحس) دون الماهية.