تعالى على العباد بالأفعال.
وأما معنى القدر عند المفوّضة فهي نفي القدر بكلا معنييه الحتمي وغير الحتمي ، إذن فالأشاعرة يثبتون القدر ، والمعتزلة ينفون ، ولعلّ قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : القدرية مجوس هذه الأمة يشمل الفريقين أيضا لما يترتّب على المقولتين من فساد للأسس الاعتقادية في التشريع الإسلامي.
وقد أفرز النزاع في مسألة أفعال البشر (الحاصلة بين الأشاعرة والمعتزلة) نتائج سلبية انعكست آثارها على الساحة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمسلمين إلى يومنا هذا ، فالأشاعرة القائلون بنظرية الجبر أضافوا إلى الإسلام طعنة في ظهره ، كما أنّ المعتزلة القائلين بالتفويض حفروا له حفرة حاولوا إسقاطه فيها لو لا أن منّ سبحانه على أمة الإسلام بعترة محمّد فشدوا أواصر العقيدة وأثبتوا المعارف في القلوب ، فعليهم سلامه عزوجل ولمن عاداهم غصبه وانتقامه.
استدلال المفوّضة :
تنقسم أدلتهم إلى عقلية وأخرى نقلية من الكتاب والسنّة :
أما الأدلة العقلية :
الدليل الأول :
لو لم نقل بتفوض الأفعال إلينا لازمه نسبة المعاصي والكفر والقبائح إليه تعالى وهذا لا يتناسب مع جلاله تعالى.
يلاحظ عليه :
أولا : لازم مقالتهم تلك أن الإنسان مستغن عنه تعالى في مقام الفاعليّة فلا تعلق لإرادة المولى به جلّ وعزّ ، وهذا يتنافى مع التوحيد الأفعالي الدالّ على انحصار المؤثرية الاستقلالية فيه تعالى ، ولازمه أيضا نفي السلطنة عنه تعالى.
ثانيا : إن نسبة القبح إليه تعالى لو لم يكن واسطة في البين ، أما مع وجود وسيط مختار وقادر فلا قبح فيه لأنّ معناه هو أنه تعالى خلق العباد قادرين مختارين فيما يشاءون ويحبون بحيث يصلون إلى الكمال باختيارهم وهذا ما اقتضته حكمته ولطفه لأنّ التكامل الاختياري الذي هو من أفضل أنواع الكمالات لا يحصل بدون اختيار العباد فيما يشاءون.