وضعفا ، ولا أجبرهم على معاصيه ظلما (١).
إلى غيرها من الأخبار الصريحة والواضحة فلاحظ كتب الأخبار.
أما الأدلة النقلية :
استدلّ المعتزلة على نظرية التفويض على بعض ظواهر الكتاب الكريم رغم تسلحهم بالعقل في المعتقدات ، وما ذاك إلّا لتدعيم تلك الفكرة الفاسدة.
فمن الآيات قوله تعالى :
(إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها) (النساء / ٤١).
(وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) (فصلت / ٤٧).
(وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (هود / ١٠٢).
فمفاد هذه الآيات أن العباد لو كانوا مجبورين على الأفعال والأعمال لكان عقابهم من أسوأ أشكال الظلم ، وحيث إنه تعالى نفى الظلم عنه سبحانه بهذه الآيات فيكشف بالدليل الإني عن كونهم مختارين.
والجواب :
إن هذه الآيات خارجة عن محل البحث لأنّ مفادها لا يدلّ على استقلال العبد في أفعاله ، وإنما لسانها نفي الظلم عن ساحته دفعا لما توهمه من نسب الظلم إليه تعالى عن ذلك علوّا كبيرا ، فهي غير ناهضة لإثبات الاختيار المطلق للإنسان وعدم حاجته إلى حول الله وقوته. ومن الآيات قوله تعالى :
(الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) وقوله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ).
بدعوى أنه مع الاضطرار والجبر في الأفعال ، لا يكون هناك أي معنى للجزاء.
والجواب : لا دلالة فيها على المدّعى ، فهذه الآيات وغيرها التي استدلّ بها على التفويض لسانها دالّ على الاختيار ، لكنها لا تنفي نشوء الأفعال المختارة عن القدرة الموهوبة ، فكلاهما يسيران معا في وعاء التحقق ويستمران في حيّز الوجود ، فالأفعال المختارة مستمدة من القدرة الموهوبة التي لا يحدّها شيء على الإطلاق ، وهذا هو الأمر بين الأمرين.
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٥ ص ١٧ ح ٢٦.