أجحفت بعدالته عزوجل وقضت عليها من الأساس ، وأما المعتزلة فعلى عكسها فهي وإن تضمنت إثبات عدالته تعالى إلا أنها نفت وبشكل قاطع سلطنته المطلقة وأسرفت في تحديدها.
وحقيقة نظرية الوسط تبتني على تفصيل مفاده :
إنّ أفعال العباد تتوقف على مقدمتين :
الأول : تحقق الحياة للموجود الفاعل.
الثانية : تحقق القدرة المنبثقة من الموجود الحي.
المقدمة الأولى :
تفيض منه سبحانه وتعالى وترتبط بذاته الأزلية ارتباطا ذاتيا وخضوعا تامّا لجناب الباري عزوجل ، وعلى هذا فلو انقطعت الإفاضة من الله تعالى في آن ما انقطعت الحياة منه حتما ، ويستدلّ على ذلك بأمرين :
الأمر الأول :
الإمكان الوجودي أي أن الموجود بعد إيجاده يبقى مرتبطا بالعلة وإلّا لصار غنيا بذاته وهو خلف كونه فقيرا محتاجا.
توضيح ذلك :
إنّ الإمكان ينقسم إلى قسمين :
إمكان ماهوي وآخر وجودي :
الإمكان الماهوي :
ما تساوى ماهية الشيء بالنسبة إلى الوجود والعدم أي أنّ الماهية واقعة في مركز الدائرة فلا تخرج عنه إلى أحد الطرفين إلّا بعامل خارجي عن حالة التساوي ويضفي عليها لزوم الاتّصاف بأحدهما.
الإمكان الوجودي : هو ما اتّصف الشيء بوصف الوجود ويعدّ فعلا للواجب تعالى ، فليس معنى إمكانه تساوي نسبته إلى الوجود والعدم ، لأنّ ثبوت الشيء لنفسه ضروري وسلبه عنه ممتنع ، فمعنى توصيف الوجود بالإمكان عبارة عن كونه قائما بالعلّة بجميع شئونه وخصوصياته ، فكلما وصف الوجود بما هو وجود عار عن الماهية وصادر عن العلة الواجبة يراد منه التعلّق والقيام والعلة والارتباط لا التساوي كما في الإمكان الماهوي وحقيقة قيام المعلول بعلته تماما كقيام المعنى الحرفي بالمعنى الاسمي في المراحل الثلاث :