التصور ، والدلالة ، والتحقق.
مثاله كما في قولك : سرت من البصرة إلى الكوفة ، فعندنا معنى حرفي هو «في» و «إلى» وعندنا معاني اسميّة هي السير والبصرة والكوفة ، فالمعنى الحرفي دائما مرتبط بالمعنى الاسمي ابتداء وانتهاء ، «فمن وإلى» فاقدان للاستقلال في مجال التصور ، فهما دائما مرتبطان بالمعاني الاسمية في الجملة في المراحل الثلاث.
فالمعنى الحرفي لا استقلالية له وإلّا لخرج عن كونه معنى حرفيا.
وهكذا يتبين أن الوجود الإمكاني للماهيات وزانه كوزان المعنى الحرفي لا استقلالية له البتة وذلك لأنّ الصادر من واجب الوجود لا يخلو من أمرين :
إما واجب وإما ممكن.
والأول خلف كونه واجبا لكون المفروض معلوليته وصدوره عن العلة الأولى وهي الواجب ، وما هو كذلك لا يمكن أن يخرج عمّا هو عليه فيتعين الثاني.
ومن المعلوم أن معنى الإمكان الوجودي كونه متعلقا بالعلة وقائما بها بجميع شئونه وخصوصياته ، والإمكان نافذ فيه وراسخ في واقعه رسوخ الحياة في الموجود الحي ، وعند ذلك يكون الارتباط بالعلة والقيام بها غير خارج عن واقع الوجود الإمكاني ويكون الفقر والربط نفس ذاته وعين واقعه وإلا فلو كان في حاق الذات غنيا ثم عرض له الفقر يلزم الخلف وخروج الغني عن كونه غنيا إلى حيّز الفقر والحاجة ، وعلى هذا فلا يمكن إنكار صلة الوجودات الإمكانية به تعالى من غير فرق بين الإنسان وغيره.
الأمر الثاني :
إنّ حقيقة وحدة الوجود يلازم التأثير في جميع المراتب بدءا من الأعلى انتهاء إلى الأضعف ، فالوجود الواجب بما أنه أقوى وأشدّ يكون العلم والإدراك والحياة والتأثير فيه مثله ، وبما أن فيض الوجود والقدرة وسائر المبادي يكون بإفاضته تعالى آنا فآنا بحيث لو انقطع الفيض لما تمكّن العبد من إيجاد الفعل ، فالفعل مستند إليه تعالى وكلّ من الإسنادين حقيقي ، فالفعل مستند إلى العبد من جهة وإلى الله تعالى من جهة أخرى فكونها مستندة إليه تعالى لأنه واهب القدرة ، وكونها مستندة إلى العبد باعتبار صدورها منه على نحو الاختيار بتوسط المدد