النقطة الثانية :
وفي هذه النقطة بحث المصنف (قدسسره) في هبة العقول وأنه سبحانه تفضّل على البشرية بهذه النعمة التي بواسطتها تتم الحجة وتكتمل المحجة ، وعليها يثاب أو يعاقب المرء على ما قدّمت يداه.
ونحن بدورنا نبحث فيها ضمن أمور :
الأمر الأول : ماهية العقل :
العقل لغة : بمعنى التمييز والإدراك والفهم ، وسمي العقل عقلا : لأنه يعقل صاحبه عن التورط في المهالك ، وعقل الشيء يعقله عقلا : فهمه (١).
والعقل اصطلاحا : ما اصطلح إطلاقه على أمور :
الأول : قوة إدراك الخير والشر والتمييز بينهما والتمكن من معرفة أسباب الأمور ، والعقل بهذا المعنى مناط التكليف والعقاب.
الثاني : ملكة وحالة في النفس تدعو إلى اختيار الخيرات والمنافع واجتناب الشرور والمضار ، أو ما يقال عنه أنه «نور روحاني تدرك النفس به العلوم الضرورية والنظرية».
الثالث : قوة تستعمل في نظام المعاش ، فتارة توافق الشرع وأخرى تخالفه ، فإن كانت الأولى فحسنة ، وإن كانت الثانية فمذمومة وهي المعبّر عنها بالشيطنة الموجودة عند معاوية وأمثاله حيث ورد أن شخصا سأل مولانا الإمام الصادق عليهالسلام عن العقل؟ فأجاب عليهالسلام :
ما عبد به الرحمن واكتسب به الجنان.
قال الراوي : فالذي كان في معاوية؟
قال عليهالسلام : تلك النكراء! تلك الشيطنة وهي شبيهة بالعقل وليست بالعقل (٢).
الرابع : هو مرتبة من مراتب استعداد النفس لتحصيل النظريات.
الخامس : النفس الناطقة الإنسانية التي بها يميّز الآدمي عن سائر البهائم.
__________________
(١) لسان العرب : مادة عقل.
(٢) أصول الكافي الشريف : ج ١ ص ١١ باب العقل والجهل.