المحكمة ، فإنكار مبدأ التقية يعدّ مكابرة واضحة وتمردا على الحق بمحض التقليد والعصبية ، واتهامه أئمة الشيعة أنهم أطلقوا لشيعتهم العنان بالأخذ بالتقية ما هو إلّا افتراء واضح وكذب صريح اجترحه المذكور على أئمة الهدى ومصابيح الدجى ، فالشيعة مجمعة على عدم جواز العمل بالتقية في غير حالات الضرر المتوجه على الأنفس والأعراض.
شبهة وجواب :
قلتم إن الشيعة ينكرون البداء المستحيل عليه تعالى ولكن ما ذا تفعلون بما ورد عن الإمام الصادق عليهالسلام أنه قال :
«ما بدا لله بداء أعظم من بداء له في إسماعيل ابني» (١).
لكن يقال :
أولا : إن هذا الخبر من الآحاد التي لا تصلح لمعارضة أخبار كثيرة نافية للبداء المستحيل عليه تعالى ، والخبر الواحد لا سيما في باب الاعتقاديات لا يفيد علما ولا عملا.
ثانيا : إنّ هذا الخبر منقول من كتاب زيد النرسي وهو مختلف فيه عند علماء الرجال ولم يثبت صحة اعتبار الكتاب عندهم لما فيه من أمور تنكره الإمامية كنزوله تعالى إلى السماء الدنيا (تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا).
ثالثا : على فرض صحة الحديث المزبور فمعناه : أنّ الإمامة في علمه تعالى هي للإمام موسى الكاظم عليهالسلام ولكنه تعالى أمر بإخفاء هذا الأمر لأحد أمرين :
إما خوفا عليه من بني أميّة وبني العبّاس فاقتضت المصلحة أن تتوجه الأنظار نحو إسماعيل من أجل حفظ الإمام الكاظم عليهالسلام من الأخطار المحدقة به.
وإما لأنّ البعض كان يعتقد بأنّ الإمامة لا تكون إلّا للابن الأكبر ، فلمّا توفي إسماعيل في حياة أبيه ظهر أنه ليس بإمام من الله سبحانه أظهر بموته بطلان ما كان يظنه أو يعتقده بعض الناس بأنه الإمام دون مولانا الكاظم عليهالسلام.
رابعا : إن هذه الرواية منافية لما استفاض في الأخبار بين الفريقين من أن النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم قد نصّ على خلفائه الاثني عشر واحدا بعد واحد بأسمائهم وأنّ جبرائيل عليهالسلام
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٤ ص ١٢٢ ح ٦٩.