القلوب فيحثهم ذلك على العمل الدءوب الجاد ، فإنكار البداء الصحيح والالتزام بنقيضه يترتب عليه اليأس والقنوط وهذا مما لا يرتضيه المولى جل وعلا.
٣ ـ كون البداء ردا على اليهود الذين يقولون : إن الله تعالى قد فرغ من الأمر وردّا على بعض المعتزلة القائلين بأن الله تعالى خلق الموجودات دفعة واحدة على ما هي عليه الآن ولم يتقدم خلق آدم على خلق أولاده ، والتقدم إنما يقع في ظهورها لا في حدوثها ووجودها. وردا على الفلاسفة القائلين بالعقول والنفوس الفلكية وبأن الله تعالى لم يؤثر حقيقة إلّا في العقل الأول فهم يعزلونه تعالى عن ملكه وهذا شبيه بمقالة المفوضة الذين يعتقدون أن الله تعالى فوّض أعمال العباد إلى أنفسهم وهو في شغل عنهم تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا وما قدروه حقّ قدره ، فردّ الله تعالى على كلا الطائفتين بقوله عزّ اسمه : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) (الرحمن / ٣٠).
٤ ـ ليرتبط العباد بواجب الوجود عن طريق التضرّع والدعاء والذلّة والمسكنة أمامه سبحانه ، ولو لا أنه تعالى كل يوم في شأن من إعدام وإحداث آخر ، إماتة شخص وإحياء آخر إلى غير ذلك لتركوا التضرّع إلى الله تعالى ومسألته وطاعته والتقرّب إليه بما يصلح أمورهم.
٥ ـ ليطلع ملائكته العظام الكاتبين في اللوح المحفوظ والمطلعين على لطفه تعالى بعباده وإيصالهم في الدنيا إلى ما يستحقونه فيزدادوا به معرفة.
٦ ـ ليعلم عباده بأخبار رسله وحججه عليهمالسلام أن لأفعالهم الحسنة مثل هذه التأثيرات في صلاح أمورهم ولأعمالهم السيئة تأثيرا في فسادها فيكون داعيا لهم إلى الخيرات صارفا لهم عن السيئات.
٧ ـ أن يكون تشديدا على العباد في التكليف وتسبيبا لمزيد الأجر لهم كما في سائر ما يبتلي الله تعالى عباده من التكاليف الشاقّة ، لأنّه عزّ اسمه إذا أخبر عباده على لسان أنبيائه وأوليائه من كتاب المحو والإثبات بأمر ثم أخبروا بخلافه يجب على العباد الإذعان بالحكم الثاني وترك الحكم الأول كما في قضايا النسخ وما شابه ذلك وهذا كاف لمزيد الثواب والأجر.
٨ ـ أن تكون أخبار البداء مسلّية للمؤمنين المنتظرين لفرج أولياء الله وغلبة الحق وأهله كما روي في قصة النبي نوح عليهالسلام حين أخبر بهلاك القوم ثم أخبر ذلك مرارا. وكما روي في فرج أئمة أهل البيت عليهمالسلام وغلبتهم ، لأنهم عليهمالسلام لو كانوا أخبروا الشيعة في أول ابتلائهم باستيلاء المخالفين وشدّة محنتهم أنه ليس