قسّم العلامة المظفر عليه الرحمة بحثه في هذا الباب إلى نقطتين :
الأولى : إن كل حادثة أو واقعة تبتلى بها الأمة لها حكم شرعي.
الثاني : إن التكاليف معلّلة بالأغراض.
أما النقطة الأولى : فيستدل عليها من الكتاب :
١ ـ قوله تعالى : (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ) (النحل / ٩٠).
«فكل» من أدوات العموم فما من شيء إلّا وله حكم في كتابه المجيد وإدراكه بحسب إشراق القلوب وتنوير العقول والاتكال عليه تعالى والغوص في كلمات العترة الذين هم ألسنة الكتاب المبين.
٢ ـ قوله تعالى : (وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلَّا قَلِيلاً) (النساء / ٨٤).
فما من أمر أو موضوع في حالتي العسر أو اليسر أو الشدة والضيق وفي كل حال إلّا وله حكم مترتب عليه ، وهذا الحكم موجود في كتاب الله تعالى يعلمه الرسول وعترته الطاهرة ومن دونهم ممن تمسك بذيلهم واقتبس من وهجهم ، وإذا وجد فقيه يفتي بالاحتياط أو لا رأى له في مسألة معيّنة فلا يعني هذا أنه لا حكم لها في الكتاب أو السنة وإنما لم يصل إليه فهم الفقيه وفراسته. فتأمل.
ومن السنة المطهرة :
١ ـ عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : «أيها الناس ان الله تبارك وتعالى أرسل إليكم الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنزل إليه الكتاب بالحقّ وأنتم أميّون عن الكتاب ومن أنزله ، وعن الرسول ومن أرسله على حين فترة من الرسل. وطول هجعة من الأمم وانبساط من الجهل ...» ، إلى أن قال عليهالسلام : «ذلك القرآن فاستنطقوه ولن ينطق لكم أخبركم عنه ، ان فيه علم ما مضى وعلم ما يأتي إلى يوم القيامة ، وحكم ما بينكم وبيان ما أصبحتم فيه تختلفون فلو سألتموني عنه لعلّمتكم (١).
٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ثعلبة بن
__________________
(١) أصول الكافي : ج ١ ص ٦٠.