الوديعة لأصحابها ، وهذا حكم عقلي كليّ ، جاء الشرع المقدّس ففصّله وبيّن أحكامه ككيفية حفظها وضمانها في حال الإتلاف العمدي أو التقصير وما شابه ذلك.
٢ ـ إنّ الأنبياء يأتون بأمور لا يصل أو يهتدي إليه العقل من دون استعانة بهمعليهمالسلام ككثير من المعارف والعلوم التي تتحدث عن العوالم الخفية كالجنان والنيران والسماوات العليا التي زارها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بواسطة البراق ، إضافة إلى أن كثيرا من المسائل في نظامنا الكوني لا زالت غامضة على فطاحل علماء الطبيعة مما استدعى بعضهم أن يقول : «إن جهلنا أكثر من علمنا» ، والشاهد على هذا اعترافهم وتسليمهم بالجاذبية الأرضيّة مع جهلهم بحقيقتها وماهيتها.
الوجه الثاني :
قد دلّ العقل على أنه سبحانه حكيم ، والحكيم لا يتعبّد الخلق إلّا بما تدلّ عليه عقولهم ، وقد دلّت الدلائل والبراهين على أنّ للعالم صانعا عالما قادرا حكيما ، وأنه أنعم على عباده نعما توجب الشكر ، فننظر في آيات خلقه بعقولنا ونشكره بآلائه علينا ، وإذا عرفناه وشكرناه استوجبنا ثوابه ، وإذا أنكرناه وكفرنا به استوجبنا عقابه ، فما بالنا نتّبع بشرا مثلنا؟ فإنه إن كان يأمرنا بما يخالف ذلك كان قوله دليلا ظاهرا على كذبه.
يجاب عنه :
١ ـ إنّ شكر المولى إنما يتم بالطريقة التي يريدها هو لنفسه لا بما يريدها العبد ، فالله سبحانه أراد منا أن نشكره بالطرق التي دلّنا عليها السفراء والحجج ، ولو خلّي الإنسان وطبعه لشكره بالطريقة التي تحثه عليها رغبته وشهوته ، فها هم عبدة الأصنام القدامى والجدد يتصورون أن عبادة الأصنام وتقديم القرابين لها نوع شكر لله تعالى باعتبارها واسطة الفيض بينه تعالى وبينهم (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) (الزمر / ٤).
٢ ـ إنّ الفائدة من إرسال الأنبياء إنما هو ترشيد العقول الضالّة التي انحرفت عن مسارها فاستحقت العقاب والعذاب ، فكثير من الأحكام العقلية تحتجب عن صاحبها نتيجة الانحراف السلوكي ، فيأتي الشرع ويوقظها ويهديها إلى الصراط السّوي فتتذكر وترجع إلى حالتها الطبيعية السويّة.
٣ ـ لا يمكن تأطير وظائف الأنبياء بما ذكره البراهمة لأنّ الهدف الذي جاءوا