العالية وتتلقى منها المعارف والعلوم وهي إحدى الطرق لمعرفة عالم ما وراء الطبيعة ـ الميتافيزيقيا ـ وكشف أسراره وخفاياه.
الجهة الخامسة : تعيين النبي :
إنّ النبوة سفارة إلهية تعكس الصفات والأسماء الربانية للعباد لكي يوحّدوه ويطيعوه فيهتدوا ، ولا بدّ في النبي أو السفير عنه تعالى أن يتحلى بالحكمة التامة والعلم الوفير والإحاطة المطلقة ليعبّر ـ من دون نقص أو خلل ـ ما يريد المولى جلّ جلاله وهذا ما يطلق عليه ـ كما سوف يأتي ـ بالعصمة الّتي هي عبارة عن تنزّهه عن كل ما يوجب خللا في القول والفعل والسلوك ، وبما أن العصمة أمرها خفي ليس بمقدور العباد الاطّلاع عليها ولا يمكن للبشر أن يهبوا العصمة لمن شاءوا لأنهم بحاجة لمن يهبهم العصمة والعلم والكمال ، فيكون تعيينها بيده تعالى ، كما أنه لا يحق لأحد أن يرشّح أحدا أو ينتخبه ليكون نبيا أو سفيرا لأنّ التعيين أو الترشيح فرع علم المعيّن بوجود من يصلح للنبوة أو السفارة الإلهية مع أنه لا علم لأحد بذلك إلّا بتعيينه سبحانه وتعالى ؛ وليست السفارة في عصرنا كما هو جار في بلدان العالم اليوم بأعظم من السفارة الإلهية ، فحيث إن تعيين السفير في البلدان إنما يكون بيد حكومته دون استشارة أحد من حكومات العالم كذا السفير الإلهي لا بدّ أن يكون تعيينه بيده تعالى العالم بمن يستحق هذا المنصب الخطير والأمر العظيم ، وبعد أن يعيّن الله سبحانه النبي أو السفير لا خيرة لغيره فيما اختاره تعالى لأنه سبحانه لا يختار القبيح أو الجاهل وليس بحاجة لأن يختار غيره عنه لأنّ ذلك من علائم النقص والحاجة ، فهو عزوجل لا يسأل عمّا يفعل وهم يسألون ، ولا يحق لأحد أن يختار غير ما اختاره الله تعالى :
(وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) (الأحزاب / ٣٧).
وقد مرّ معنا وجه الحكمة في إرسال الأنبياء والرسل والأولياء عليهمالسلام فبتلك الحكمة يعلم أن الأنبياء والسفراء عباد مخصوصون ومصطفّون بعلمه تعالى يعبّرون عنه ويدلون عليه وعلى العباد أن يسمعوا ويطيعوا ويحرّم عليهم الاعتراض عليهم والتحكّم بهم وبما جاءوا به من أحكام وشرائع وسنن.