الرحمن ، واكتسب به الجنان».
شبهة وتوضيح :
قد يقول قائل : إذا كان بالعقل يعرف الحق ، حينئذ كفى في الدعوة إليه سبحانه ما يدعو إليه العقل من سلوك طريق الفضيلة والتقوى من دون حاجة إلى إرسال رسل وإنزال كتب؟!
والجواب :
إنّ العقل الذي يدعو إلى الفضيلة والتقوى إنما هو العقل العملي دون النظري المدرك لحقائق الأشياء ، والعقل العملي هذا يأخذ مقدمات حكمه من الإحساسات الباطنة ، والإحساسات التي هي بالفعل في الإنسان في بادئ حاله هي إحساسات القوى الشهوية والغضبية ، وأما القوة الناطقة القدسية فهي بالقوة ، والتي بالفعل لا تدع الإنسان يخرج من القوة إلى الفعل كما هو مشهود من حال الإنسان ، فكل قوم أو فرد فقد التربية الصالحة عاد عمّا قليل إلى التوحش والبربرية مع وجود العقل فيهم وحكم الفطرة عليهم ، فلا غنى عن تأييد العقل بالنبوة والإمامة.
الأمر الثاني : فضل العقل وذم الجهل :
قد ورد في شأنه الفضل الكثير في القرآن المجيد ونصوص السنة المطهّرة فمن الكتاب العزيز :
قوله تعالى : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ...) (البقرة / ١٦٥).
وقوله تعالى : (... قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) (آل عمران / ١١٩).
وقوله تعالى : (... وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) (المائدة / ١٠٤).
ومن السنّة النبوية المطهّرة.
منها :