والفعل أو الترك يوكّلان إلى نفس المكلف ، فله أن يفعل وله أن يترك وإنما هم عليهمالسلام مشوّقون مقرّبون إلى المبدأ المتعال.
أما الثاني :
وهو ما يحصل بواسطته الطاعة من المكلّف على سبيل الاختيار وهو عبارة عن نفس التكليف ، لأنّ التكليف هو حصوله لا تحصل الطاعة فالصلاة قبل أن يكلّف بها العبد لا يمكن حصول الامتثال ، فباللطف المحصّل تتحقق الطاعة عند العبد ، لأنّ التكليف قبل حصوله لا يمكن أن تحصل الطاعة ، فمن هنا قيل عنه أنه محصّل أي محقق للطاعة ، فقبل التكليف لا يتحقق الإطاعة لأنها فرع التكليف.
النقطة الثالثة : هل اللطف واجب على الله تعالى؟
في المسألة خلاف ، فذهب الشيعة وتبعهم المعتزلة إلى وجوبه وأنكره الأشاعرة.
واستدلّ الشيعة الإمامية بما يلي :
إنّ اللطف يحصّل غرض المكلّف (بالكسر) فيكون واجبا وإلّا لزم نقض الغرض.
بيان الملازمة :
إنّ المكلّف (بالكسر) إذا علم أنّ المكلّف (بالفتح) لا يطيع إلّا باللطف بحيث لو كلّفه من دونه كان ناقضا لغرضه كمن دعا غيره إلى طعام وهو يعلم أنه لا يجيبه إلّا أن يستعمل معه نوعا من التأدب ، فإذا لم يفعل الداعي إلى ذلك النوع من التأدب كان ناقضا لغرضه ، فوجوب اللطف يستلزم تحصيل الغرض ، وبما أن الغرض من إيجاد الخلق هو وصول الإنسان إلى كماله اللائق به وهو المعرفة كما قال تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) كان اللازم بحكمته ورحمته أن يرسل سبحانه لخلقه أناسا مطهّرين يرشدونهم إلى عبادة الله تعالى إذ العقل لا يكفي وحده في السير إليه تعالى ، نعم هو كاف في حجية وجوده عزوجل ، من هنا تجب بعثة الأنبياء والأئمة عليهمالسلام بمناط واحد.
ولو لم يفعل الله سبحانه ما يقرّب العباد إليه تعالى كما لو لم يرسل الرسل والسفراءعليهمالسلام فلا يستحق المكلّف العقوبة لو عصى أوامر المولى ، لأنه لو أراد منه التكليف (أي اللطف المحصّل) ثم لم يبيّنه له كأنه بذلك قد أمضى أن يرتكب