لهب مثلا انتفت المفسدة فيه لأنه لا يعتقد بصدق إخبار الله تعالى فلا يدعو ذلك الإخبار إلى الإصرار على الكفر ولا يستلزم إغراء لعدم اعتقاده بالله تعالى.
وإن كان عارفا بالله تعالى كإبليس اللعين لم يكن إخباره تعالى بعقابه داعيا إلى الإصرار على الكفر لأنه يعلم ، لأنّ إبليس يعرف أن إصراره على الكفر يضاعف العقوبة عليه ، فلا يصير هذا إغراء له.
وبتعبير آخر : إنّ إخبار الأنبياء للمكلفين بأنّ المطيع له الجنّة والعاصي له النار لا يعدّ إغراء وذلك لأنّ المكلّف إن كان من أهل الجنّة فإخبارهم له يكون تشجيعا منهم له على لزوم الطاعة والعبادة ، وإن كان من أهل النار يكون إخبارهم له تحذيرا له من الإقدام والاسترسال بالمعصية.
النقطة الرابعة : أحكام اللطف :
ذكر العلّامة المتكلم البارع الحلي (قدسسره) خمسة أحكام للّطف :
الأول :
لا بدّ من أن يكون اللطف والملطوف فيه مناسبة ، ومعنى المناسبة أن يكون اللطف داعيا إلى الملطوف فيه بحيث يسهّل للمكلّف تنفيذ المطلوب منه كالحكم بوجوب الصلاة فإنه لطف يدعو إلى تحقيق الصلاة خارجا ، فهنا يوجد مناسبة بين اللطف والملطوف فيه ، أما لو لم تكن هناك مناسبة فلا يعتبر لطفا فلا مناسبة مثلا بين وجوب الصلاة ودفع الزكاة ، فلم يرد في سيرة الأنبياء والأولياء أنهم دعوا إلى الصلاة وأرادوا منها الزكاة ، وهكذا بقية الموارد ، نعم الصلاة لطف في الزكاة من جهة أخرى غير جهة المناسبة بينهما بمعنى أن المصلّي الحقيقي هو الذي يؤدي حق الزكاة وإلّا فإنّ صلاته تعدّ ناقصة لا تؤهّله لأن يترقّى في عالم الكمال والفضيلة والتسامي ، وإذا لم تكن المناسبة موجودة لزم الترجيح بلا مرجّح (١).
الثاني :
ان لا يبلغ في الدعاء إلى الملطوف فيه إلى حدّ الإلجاء لأنّ الفعل الملجئ إلى فعل آخر يشبه اللطف في كون كلّ منهما داعيا إلى الفعل غير أنّ المتكلمين لا يسمّون الملجئ إلى الفعل لطفا (٢).
__________________
(١) كشف المراد : ص ٣٥٤ بتصرّف بالعبارة.
(٢) نفس المصدر السابق.