أو يعرّف عنه ، نعم ثبتت نبوته بتعريف وتنصيص الله تعالى له ، وهذا خارج عن مورد الخلاف ، إذ المورد هو تنصيص نبي على نبي آخر لا تنصيص الله تعالى على نبي كآدمعليهالسلام.
ثانيا : لم يرد أن الأنبياء عليهمالسلام غير أولي العزم (الذين يتراوح عددهم مائة وأربع وعشرين ألف نبي) كان ينص كل واحد منهم على الآخر ، نعم ورد عن بعضهم أنهم نصّوا على بعض ، مع التأكيد على أنّ التنصيص يفيد المتمسكين بالأنبياء عليهمالسلام لو كانوا مأمورين كلهم بتبليغ ما أخذوه من الوحي وليسوا كذلك بل كان بعضهم مأمورا بالتبليغ كالرسل ، فعلى هذا لا يكون التنصيص ذا فائدة للذين لم يؤمروا بالتبليغ.
وبهذا يصلح أن يكون هذان الطريقان مؤيّدين لا دليلين منفردين ، فيتعيّن طريق الإعجاز في صحة دعوى النبوة وهو أفضل الطرق وقد اتفق على صحته المتكلمون قاطبة لمتانته وخلوه عن أي إشكال ولأنه يقطع عذر كل مشكّك بصدق الأنبياء عليهمالسلام ، وبما أن الإعجاز من أمهات مسائل النبوة يقع البحث فيه ضمن جهات :
الجهة الأولى : حقيقة المعجزة :
سمعنا ونسمع دائما أناسا ادّعوا النبوة خداعا وكذبا ، مستغلين نفوس البسطاء وإيمانهم الفطري ، لذا حتى يميّز النبي الصادق عن مدّعي النبوة جعل الله سبحانه المعجزة إحدى الطرق الدالّة على صحة الدعوى ، لأنه سبحانه يستحيل بحكمته أن يزوّد الكاذب في دعوى النبوة بالمعجزة لأنّ في تزويد الكاذب تغريرا للناس الذين يعتبرون العمل الخارق دليلا على ارتباط الآتي بها بالمقام الربوبي (١) ، وإلى هذا أشار الإمام الصادق عليهالسلام بقوله في جواب من سأله عن علة إعطاء الله المعجزة لأنبيائه ورسله «ليكون دليلا على صدق من أتى به ، والمعجزة علامة لله لا يعطيها إلّا أنبياءه ورسله وحججه ، ليعرف به صدق الصادق من كذب الكاذب» (٢).
والآن نسأل : ما هي المعجزة؟
__________________
(١) سيد المرسلين : ج ١ ص ١٧٩.
(٢) علل الشرائع : ج ١ ص ١٢٢.