إن لم تتبعوني فأتوا بمثل ما أتيت به ، وذلك يخرج به الإرهاص (١) وهو الإتيان بخارق العادة إنذارا بقرب بعثة نبي تمهيدا لقاعدته فإنه غير مقرون بالتحدي ، وكذا الكرامات الصادرة على أيدي المخلصين هي غير مقرونة بالتحدي (٢) كالمعجزة.
القيد الرابع : كونه يتعذّر على الخلق الإتيان بمثله :
وذلك لأنّ المعجزة لو لم يتعذّر على الخلق الإتيان بمثلها بحيث كانت في متناول أيدي الجميع لم يعلم أنها من فعله تعالى فلا تكون حينئذ دالّة على التصديق بالنبي الذي صدرت على يديه المعجزة فعجز الناس عن المعارضة والإتيان بمثل ما جاء به النبي دلالة صدق على أن النبي يعتمد على قوة إلهية غير متناهية ، هذه القوة خارجة عن حوزة البشر.
الجهة الثانية : شروط المعجزة :
لا بدّ من توفّر شروط في المعجزة هي :
الشرط الأول :
أن يعجز عن مثلها أو عمّا يقاربها أحد من الناس سواء أكانوا في زمن الأمة المبعوث إليها أم ممن سوف يولد في المستقبل ، لأنه لا خصوصية للأمة المبعوث إليها في تحقق مفهوم الإعجاز وعدم قدرة البشر على الإتيان بمثلها كما تحدّى القرآن المجيد الأجيال عبر العصور كلها في أن يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا لاشتماله على الإعجاز العلمي والغيبي المطلق ، ولو تمكن الناس منها فلا تسمّى حينئذ معجزة.
الشرط الثاني :
أن تكون المعجزة من قبله تعالى من دون تدخّل النبي أو الولي بمعنى ليس لنفس النبي أو روحه أي تأثير في إيجاد المعجزة خارجا بل يجريها الله تعالى على يديه من دون طلب من النبي مثاله : القرآن الكريم حيث أجراه تعالى على يديه من دون أن يطلب النبي منه تعالى أن ينزّل قرآنا على الناس وقد تكون المعجزة بطلب من النبي أو الولي بإذنه تعالى بحيث يكون لنفسيهما (أي النبي والولي) تأثير في
__________________
(١) الإرهاص : التأسيس والتمهيد.
(٢) إرشاد الطالبيين : ص ٣٠٧.