ربّانية وهبها سبحانه لعبده عيسى عليهالسلام ومن اصطفى من عباده المكرمين.
زبدة المقال :
أقول : لا يبعد صحة القول الرابع لدخوله في الولاية التكوينية للأولياء عليهمالسلام ، ومما لا ريب فيه أن المؤمن التقي قد يحصل على شيء من هذه الولاية إذا ما اتصف بصفات الله وتخلّق بأخلاق النبيين فيظهر له ما كان مخفيا ، ويطيعه كل شيء «عبدي أطعني تكن مثلي تقول للشيء كن فيكون» «ومن أحبّ الله أحبّه كل شيء» «وما يزال العبد يتقرّب إليّ بالنوافل حتى أحبّه فإذا أحببته كنت عينه التي ينظر بها ويده التي يبطش بها ...».
فإذا أحب العبد ربّه أحبه كل شيء في عالم الطبيعة ، وعلامة محبتها له أنها دائمة الارتباط به لقربه من المبدأ الفيّاض.
الجهة السادسة : معجزة كل عصر :
ذكر المصنف (قدسسره) أن كل معجزة مقرونة بالتحدي لا بدّ أن تناسب ما اشتهر في عصر كل نبي بحيث يؤمن أفراده بصاحب المعجزة ، ففي عصر موسى عليهالسلام اشتهر السحر فجاءهم بالعصا لتلقف سحرهم المتمثل بالحبال وغيرها فكانت معجزته إبطال السحر بعصاه المباركة ، وكذا عيسى عليهالسلام كان الغالب في زمانه الأمراض والعاهات فجاءهم بما يناسب ما اشتهر وهي إبراء الأكمه والأبرص وغيرها من الأمراض المزمنة والمستعصية ، وكذا نبينا محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم كان الغالب في زمانه الشعر والأدب والبلاغة والفصاحة الخ ...
لكن ما ذكره المصنف ليس جامعا وشاملا لكل الأنبياء بل هو مختص ببعضهم ، إضافة إلى ما يرد عليه :
أولا : إننا لا نعلم بوجود معجزة لكل نبي لاحتمال أن يكون التعريف في بعض الأنبياء بالبشارة أو التنصيص.
ثانيا : لو سلّمنا بوجود معجزة لكل نبي ، فهذه المناسبة (أي كون المعجزة يجب أن تناسب ما اشتهر) التي أطلقها المصنف غير سديدة وذلك لأنّ اللازم كون المعجزة ظاهرة الإعجاز ، ويشهد له ما ورد عن النبي نوح عليهالسلام حيث كانت معجزته الطوفان وهذا لم يكن مشتهرا بينهم حتى يقال إنّ معجزته لا بدّ تكون مما يناسب ما اشتهر في عصره.